للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ بَيْنَهُمَا مُتَبَايِنَةٌ فَلَيْسَ لِلْوَلَدِ فِي مَالِ الْوَالِدِ مِلْكٌ وَلَا حَقُّ مِلْكٍ فَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ اشْتَرَى أَخُوهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى مِلْكِ الْعَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ تُجْعَلُ كَشَهَادَةٍ لِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ شِرَاءُ ابْنِ الْبَائِعِ وَأَبِيهِ كَشِرَاءِ الْبَائِعِ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْخِلَافِ الَّذِي سَبَقَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَبِيعُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَمَا لَا يَبِيعُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَمْلُوكِهِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ كَمَا يَجُوزُ مِنْ أَخِيهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْقَرَابَاتِ.

قَالَ وَإِنْ اشْتَرَى وَكِيلُ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا وَكَّلَ ذِمِّيًّا بِشِرَاءِ خَمْرٍ لَهُ أَوْ بَيْعِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ وَيَنْزِلُ الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ هُنَا الْوَكِيلُ عِنْدَهُ كَالْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ الْمِلْكُ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ حُكْمًا فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ الْبَائِعُ مِنْهُ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ هُنَاكَ يُعْتَبَرُ حَالُ الْمُوَكِّلِ وَيُجْعَلُ عَقَدُ الْوَكِيلِ لَهُ كَعَقْدِهِ لِنَفْسِهِ فَهُنَا أَيْضًا يُجْعَلُ كَذَلِكَ وَالْمُوَكِّلُ هُنَا بَائِعٌ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ شِرَاءُ الْوَكِيلِ لَهُ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُسَوِّي بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ وَيَقُولُ هُنَاكَ التَّوْكِيلُ بَاطِلٌ وَالْوَكِيلُ يَصِيرُ فِي الشِّرَاءِ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ فَهُنَا أَيْضًا يَصِيرُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ شِرَاءً صَحِيحًا وَمُحَمَّدٌ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَيَقُولُ هُنَاكَ الْوَكِيلُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَهُنَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ شِرَاءً فَاسِدًا حَتَّى يَصِيرَ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ عَلَى الْخَمْرِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى الْخَمْرَ لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ قَبَضَ فَكَذَلِكَ تَوْكِيلُهُ بِالشِّرَاءِ بَاطِلٌ أَمَّا الْبَائِعُ هُنَا فَمِنْ أَهْلِ مُبَاشَرَةِ هَذَا الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ انْعَقَدَ شِرَاؤُهُ فَاسِدًا، فَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ كَالتَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَبَعْدَ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ، وَبَعْدَ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ شِرَاءُ الْوَكِيلِ كَشِرَاءِ الْمُوَكِّلِ وَقَبْضِ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَلَكِنْ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ مَتَى أَمْكَنَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ إفْسَادُهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ وَهُنَا لَوْ جَعَلْنَاهُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ كَانَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ شِرَاءً صَحِيحًا.

وَفِيهِ شُبْهَةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ إنَّ الْبَائِعَ أَوْ ابْنَهُ لَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ وَمَا تَحَصَّلَ لِلْبَائِعِ مِنْ الْمِلْكِ بِشِرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>