للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى بَيْعِ الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِخَارِجٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ.

وَإِذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْبَيْعِ وَلَا يَمْنَعُ بَقَاؤُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ أَمْضَاهُ لِكَافِرٍ مِثْلِهِ أَجْزَأَهُ وَأُجْبِرَ ذَلِكَ الْكَافِرُ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ ابْتِدَاءً بَعْدَمَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ فَسَخَ الْعَقْدَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ إذَا كَانَ كَافِرًا، وَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ وَالْمُشْتَرِي مُسْلِمٌ فَهُوَ سَالِمٌ لَهُ.

قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى الْكَافِرُ عَبْدًا مُسْلِمًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ثُمَّ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ إنْ كَانَ كَافِرًا لِأَنَّ فَسْخَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُسْتَحَقٌّ شَرْعًا وَلَا يَفُوتُ بِهِ مَا يَثْبُتُ مِنْ الْحَقِّ لِلْعَبْدِ بِإِسْلَامِهِ فَإِنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ إذَا كَانَ كَافِرًا وَمَعَ إمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْحَقَّيْنِ لَا يَجُوزُ تَرْكُ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَرَفَعَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرِي إلَى الْقَاضِي أَجْبَرَهُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ كَانَ شِرَاءٌ يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ الْبَيْعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ وَقَدْ تَعَذَّرَ فَسْخُ الْعَقْدِ لِغِيبَةِ الْبَائِعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ الْمُسْلِمُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ فَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ إضْرَارًا بِالْعَبْدِ وَابَقَاءً لَهُ فِي ذُلِّ الْكَافِرِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ كَانَ شِرَاءً يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ الْبَيْعُ فَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ وَلَا يُمْكِنُ إجْبَارُهُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَكِنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ مَضْمُونٌ فِي يَدِهِ أَوْ أَمَانَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ.

مُسْلِمٌ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا مِنْ كَافِرٍ شِرَاءً فَاسِدًا أَجْبَرْتُهُ عَلَى رَدِّهِ عَلَى الْكَافِرِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ ثُمَّ يُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَقَّيْنِ مُمْكِنٌ، وَإِنْ كَانَ الْكَافِرُ غَائِبًا فَهُوَ عَلَى حَالَةٍ عِنْدَ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إبْقَاءِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ مَعْنَى الْإِذْلَالِ.

وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا وَهَبَ عَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ جَازَ وَأُجْبِرَ الْكَافِرُ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْلِمُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَبِعْهُ الْكَافِرُ أَوْ يُعَوِّضْ الْمُسْلِمَ مِنْهُ وَالْكَافِرُ فِي حُكْمِ الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْكَافِرُ هُوَ الْوَاهِبُ لِلْعَبْدِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ كَانَ ثَابِتًا مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْعِوَضُ فَلَا يَبْطُلُ بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ وَلَكِنْ إذَا رَجَعَ فِيهِ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ.

وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ النَّصْرَانِيِّ فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى بَيْعِهِ فَبَاعَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ نَصْرَانِيٌّ آخَرُ بِبَيِّنَةِ مُسْلِمَيْنِ وَقَدْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ عِتْقَهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَمْلِكْ وَإِنَّ عِتْقَهُ لَمْ يَنْفُذْ؛ لِأَنَّ بَائِعَهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا فَيَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>