عَيَّبَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يَصِيرُ بِهِ قَابِضًا أَوْ يُجْعَلُ التَّزْوِيجُ كَالْإِعْتَاقِ أَوْ التَّدْبِيرِ فَكَمَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ بِالتَّزْوِيجِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ لَا يَكُونُ قَابِضًا لَهَا بِنَفْسِ التَّزْوِيجِ حَتَّى إذَا هَلَكَتْ فَهِيَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ مِنْ الْمُشْتَرِي فِعْلٌ بِهَا وَإِنَّمَا التَّزْوِيجُ عَيْبٌ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ تَقِلُّ رَغَائِبُ النَّاسِ فِيهَا وَيُنْتَقَصُ لِأَجْلِهِ الثَّمَنُ فَهُوَ فِي مَعْنَى نُقْصَانِ السِّعْرِ أَوْ التَّزْوِيجِ لَمَّا كَانَ عَيْبًا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ فَهُوَ نَظِيرُ الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ.
وَالْمُشْتَرِي لَوْ أَقَرَّ عَلَيْهَا بِدَيْنٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا لَهَا بِخِلَافِ الْعَيْبِ الْحِسِّيِّ فَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ فِعْلٍ يَتَّصِلُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِعَيْنِهَا وَهُوَ إتْلَافٌ لِجُزْءٍ مِنْ عَيْنِهَا فَأَمَّا أَنْ يَصِيرَ قَابِضًا لِمَا بَقِيَ بِالتَّخَلِّي بِهَا أَوْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ فَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ قَابِضًا لِمَا أَتْلَفَ أَنْ يَكُونَ قَابِضًا لِمَا بَقِيَ مِنْهُ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَاسْتِرْدَادِ الْبَائِعِ فَالْبَائِعُ يَمْلِكُ اسْتِرْدَادَ الْبَعْضِ لِيَحْبِسَهُ بِالثَّمَنِ دُونَ الْقَبْضِ فَلَا يُجْعَلُ بِتَفْوِيتِ الْبَعْضِ مُسْتَرِدًّا لِمَا بَقِيَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ وَإِتْلَافٌ لِلْمَالِيَّةِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِهِ الْوَلَاءُ فَمِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَصِيرَ قَابِضًا وَالتَّدْبِيرُ نَظِيرُ الْعِتْقِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ وَثُبُوتِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لِلْمُدَبَّرَةِ فَإِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مَاتَتْ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَمْ يَنْقُصْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا وَطِئَهَا بِتَسْلِيطِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ فِعْلُهُ كَفِعْلِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي وَطِئَهَا بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَتْ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ قَدْ تَخَلَّى بِهَا وَالْوَطْءُ بِمَنْزِلَةِ إتْلَافِ جُزْءٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَهَا الزَّوْجُ بِتَسْلِيطِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَنَعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وَطْءِ الْمُشْتَرِي أَوْ الزَّوْجِ إيَّاهَا وَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ وَلَا مِنْ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ صَارَ مُسْتَرِدًّا لَهَا بِحَبْسِهِ إيَّاهَا بِالثَّمَنِ وَمَنْعِ الْمُشْتَرِي مِنْهَا وَلَمْ يُتْلِفْ بِالْوَطْءِ شَيْئًا مِنْ مَالِيَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفِيَ بِالْوَطْءِ وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ عَيْنِهَا فَذَلِكَ جُزْءٌ لَيْسَ بِمَالٍ وَالثَّمَنُ بِمُقَابَلَةِ مَا هُوَ مَالٌ فَلِهَذَا لَا يَتَقَرَّرُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا فِي مِلْكِهِ وَوَطْءُ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ.
وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ كَانَ الْوَطْءُ نَقَصَهَا لَمْ يُنْظَرْ إلَى الْعُقْرِ وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى مَا يُنْقِصُهَا الْوَطْءُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ جُزْءٌ مِنْ مَالِيَّتِهَا بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ حِصَّةُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ فَقَأَ الْمُشْتَرِي عَيْنَهَا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا الْبَائِعُ فَهَلَكَتْ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَكَارَةَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِيَّةِ وَلِهَذَا يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا بِالْبَيْعِ إذَا اشْتَرَطَ فَبِوَطْءِ الْمُشْتَرِي إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute