وَكَذَلِكَ لَا يَشْتَرِي بِهِ مِنْ غَيْرِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الدَّيْنِ مَعَ مَنْ عَلَيْهِ أَقْرَبُ إلَى النُّقُودِ مِنْهُ مَعَ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الِاسْتِبْدَالُ بِبَدَلِ الصَّرْفِ مَعَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَمَعَ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ
وَإِذَا اشْتَرَى إبْرِيقَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَنَقَدَ خَمْسَمِائَةٍ وَقَبَضَ الْإِبْرِيقَ ثُمَّ افْتَرَقَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ نِصْفُ الْإِبْرِيقِ، وَيَبْطُلُ نِصْفُهُ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَلَا يَتَخَيَّرُ فِي الرَّدِّ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّبْعِيضِ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ حِينَ لَمْ يَنْقُدْ بَعْضَ الْبَدَلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْإِبْرِيقِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ فِي الْأَمْلَاكِ الْمُجْتَمَعَةِ عَيْبٌ فَإِنْ تَقَاصَّا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْإِبْرِيقِ عَيْبًا كَثِيرًا أَوْ هَشِيمًا غَيْرَ نَافِذٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ اسْتَحَقَّ صِفَةَ السَّلَامَةِ، وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ بِوُجُودِ الْعَيْبِ. وَالْقَلْبُ وَالطَّوْقُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالسَّيْفُ الْمُحَلَّى بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرِيقِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ كَانَ حِينَ وَجَدَ الْعَيْبَ بِالْإِبْرِيقِ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى انْكَسَرَ عِنْدَهُ لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ بِالرَّدِّ يَدْفَعُ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْحِقَ الضَّرَرَ بِالْبَائِعِ، وَفِي الرَّدِّ بَعْدَ حُدُوثِ الْعَيْبِ إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا رَجَعَ بِهِ يَصِيرُ الْعَقْدُ رِبًا؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بِمُقَابَلَةِ الْإِبْرِيقِ أَقَلُّ مِنْ وَزْنِهِ مِنْ الْفِضَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ دَنَانِيرَ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا رِبَا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِهِ عَيْبًا وَلَكِنَّهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَلَمْ يَرُدَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى انْكَسَرَ الْإِبْرِيقُ لَزِمَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ فِيهِ، وَرَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ قَدْ بَطَلَ.
وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ، وَنَقَدَهُ الدِّينَارَ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْعَشَرَةُ قِصَاصًا بِبَدَلِ الصَّرْفِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ تَأَخَّرَ وُجُوبُهُ عَنْ عَقْدِ الصَّرْفِ، وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِبْدَالِ.
وَإِنْ اسْتَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ بَائِعِ الدِّينَارِ، ثُمَّ قَضَاهَا إيَّاهُ بَعْدَ مَا قَبَضَهَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُقْرَضَ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ بِالْقَبْضِ، وَصَارَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الِافْتِرَاقَ عَنْ مَجْلِسِ عَقْدِ الصَّرْفِ قَدْ حَصَلَ بَعْدَ قَبْضِ الْبَدَلَيْنِ، وَإِنَّمَا الْبَاقِي لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ بَدَلُ الْقَرْضِ.
وَإِذَا اشْتَرَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا بَقِيَ مِنْ الْعَشَرَةِ فَأَرَادَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الدَّرَاهِمَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ عُشْرَ الدِّينَارِ حِينَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْآخَرِ الدِّرْهَمُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فَسَدَ فِي عُشْرِ الدِّينَارِ بِالِافْتِرَاقِ قَبْل قَبْضِ الدِّرْهَمِ، وَهَذِهِ مَطْعُونَةُ عِيسَى وَقَدْ بَيَّنَّاهَا، فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِعُشْرِ الدِّينَارِ فُلُوسًا أَوْ عَرَضًا مُسَمًّى جَازَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ لَمَّا فَسَدَ فِيهِ بَقِيَ مِلْكًا لَهُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ أَوْ دَيْنًا لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَاجِبًا بِسَبَبِ الْقَبْضِ دُونَ عَقْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute