للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يَكُونَ وَضْعُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَفِي النِّصْفِ الْبَاقِي دِرْهَمٌ صَغِيرٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْعَقْدُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ مَا بِهِ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَعْطِنِي.

وَلَوْ قَالَ: أَعْطِنِي كَذَا فَلْسًا، وَدِرْهَمًا صَغِيرًا وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيرَاطًا كَانَ جَائِزًا كُلُّهُ إذَا تَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا؛ لِأَنَّهُ قَابَلَ الدِّرْهَمَ هُنَا بِمَا سَمَّى مِنْ الْفُلُوسِ، وَنِصْفِ دِرْهَمٍ إلَّا قِيرَاطًا فَيَكُونُ مِثْلَ وَزْنِ الدِّرْهَمِ الصَّغِيرِ مِنْ الدِّرْهَمِ بِمُقَابَلَتِهِ، وَالْبَاقِي كُلُّهُ بِإِزَاءِ الْفُلُوسِ.

رَجُلٌ بَاعَ دِرْهَمًا زَائِفًا لَا يُنْفَقُ مِنْ رَجُلٍ قَدْ عَلِمَ عَيْبَهُ بِخَمْسَةِ دَوَانِيقِ فَلْسٍ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ خَمْسَةَ دَوَانِيقِ فَلْسٍ اسْمٌ لِمِائَةِ فَلْسٍ؛ إذْ كَانَ كُلُّ عِشْرِينَ بِدَانَقٍ، وَبَيْعُ الدِّرْهَمِ بِمِائَةِ فَلْسٍ صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ، وَدِرْهَمٍ صَغِيرٍ، وَزْنُهُ دَانَقَانِ إذَا تَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ؛ لِأَنَّهُ يُقَابِلُ الدِّرْهَمَ الصَّغِيرَ مِنْ الدِّرْهَمِ الزَّيْفِ مِثْلَ وَزْنِهِ، وَالْبَاقِي كُلُّهُ بِإِزَاءِ الْفُلُوسِ، وَإِنْ بَاعَهُ إيَّاهُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقِ فِضَّةٍ، أَوْ بِدِرْهَمٍ غَيْرِ قِيرَاطٍ فِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا فِي النَّبَهْرَجَةِ، وَالزُّيُوفُ مِنْ جِنْسِ الْفِضَّةِ بِخِلَافِ السَّتُّوقِ. .

وَلَوْ قَالَ: بِعْنِي بِهَذِهِ الْفِضَّةِ كَذَا فَلْسًا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ، وَإِنْ بَاعَهُ إيَّاهُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ أَوْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ مَا سُمِّيَ يَقَعُ عَلَى الْفِضَّةِ دُونَ الْفُلُوسِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْفُلُوسُ مَجَازًا، وَلَكِنَّ ذَاكَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْفُلُوسِ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ لَا يُعَارِضُ الْحَقِيقَةَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَانَقٍ، أَوْ بِدَانَقَيْنِ، أَوْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا كُلُّهُ يَقَعُ عَلَى الْفِضَّةِ إلَّا أَنْ يَقْرِنَ بِكَلَامِهِ ذِكْرَ الْفُلُوسِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ عِبَارَةً عَنْ عَدَدٍ مِنْ الْفُلُوسِ مَجَازًا.

وَإِنْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ فُلُوسًا وَقَبَضَهَا، وَلَمْ يَنْقُدْ الدِّرْهَمَ حَتَّى كَسَدَتْ الْفُلُوسُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَالدِّرْهَمُ دَيْنٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْفُلُوسِ قَدْ انْتَهَى بِالْقَبْضِ، وَصِفَةُ الدِّرْهَمِ لَمْ تَتَغَيَّرْ بِكَسَادِ الْفُلُوسِ فَبَقِيَ دَيْنًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ نَقَدَ الدِّرْهَمَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْفُلُوسَ حَتَّى كَسَدَتْ فِي الْقِيَاسِ هُوَ جَائِزٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بِالْكَسَادِ لَا تَتَغَيَّرُ عَيْنُهَا، وَلَا يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهَا إلَّا بِالْعَقْدِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ صِفَةِ الثَّمَنِيَّةِ فِي الْفُلُوسِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الدِّرْهَمَ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ فَاسِدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى فَاكِهَةً بِالْفُلُوسِ، وَقَبَضَ مَا اشْتَرَى، ثُمَّ كَسَدَتْ الْفُلُوسُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا فَالْبَيْعُ يُنْتَقَضُ - اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهَا تَبَدَّلَتْ مَعْنًى حِينَ خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا وَمَالِيَّتُهَا كَانَتْ بِصِفَةِ الثَّمَنِيَّةِ مَا دَامَتْ رَائِجَةً فَبِفَوْتِهَا تَفُوتُ الْمَالِيَّةُ؛ فَلِهَذَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَيَرُدُّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ هَالِكًا، وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: الْبَيْعُ يُنْتَقَضُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا، وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي نَقْضِهِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ عِنْدَ كَسَادِ الْفُلُوسِ، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>