للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْقَلْبِ، وَبَعْضُ مَا سَمَّيَاهُ رِبْحًا رَأْسَ الْمَالِ فِي عُشْرِ الْقَلْبِ، وَذَلِكَ تَصْحِيحٌ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ، وَلَوْ كَانَ قَامَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِرِبْحِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْعَشَرَةِ بِأَحَدَ عَشَرَ، وَلَوْ ضَمَّ مَعَهُ ثَوْبًا قَدْ قَامَ مَعَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: قَدْ قَامَ عَلَيَّ هَذَا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَبَاعَهَا بِرِبْحِ دِرْهَمٍ، أَوْ بِرِبْحِ ده يازده، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: الْعَقْدُ يَفْسُدُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ فَسَدَ فِي حِصَّةِ الْقَلْبِ؛ لِأَجْلِ الرِّبَا أَوْ الْعَقْدِ صَفْقَةً وَاحِدَةً، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي حِصَّةِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُنْفَصِلٌ عَنْ الْآخَرِ، وَبِفَسَادِ الْعَقْدِ فِي أَحَدِهِمَا لَا يَتَمَكَّنُ الْمُفْسِدُ فِي الْآخَرِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً، وَطَوْقُ فِضَّةٍ عَلَيْهَا فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَتَقَابَضَا، ثُمَّ بَاعَهَا مُرَابَحَةً بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، أَوْ بِرِبْحِ دَهٍ يازده، فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي الْجَارِيَةِ دُونَ الطَّوْقِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَتَمَيَّزُ عَنْ الْآخَرِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رُجُوعَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَسْأَلَةِ الطَّوْقِ، فَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى رُجُوعِهِ فِي نَظَائِرِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.

وَلَوْ اشْتَرَى سَيْفًا مُحَلَّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، وَتَقَابَضَا، ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ، دِرْهَمًا، فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ لَيْسَ مِنْ ثَمَنِ الْفِضَّةِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِحَاقِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَيُخْرَجُ قَدْرُ الْمَحْطُوطِ مِنْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا، فَكَأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ اشْتَرَى السَّيْفَ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا، فَيَكُونُ بِمُقَابَلَةِ الْحِلْيَةِ مِثْلَ وَزْنِهَا، وَالْبَاقِي بِمُقَابَلَةِ السَّيْفِ. .

وَلَوْ ابْتَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَتَقَابَضَا ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ دِرْهَمًا، وَقَبِلَ الْحَطَّ، وَقَبَضَهُ بَعْدَ مَا افْتَرَقَا مِنْ مَقَامِ الْبَيْعِ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا؛ فَسَدَ الْبَيْعُ كُلُّهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: الْحَطُّ بَاطِلٌ، وَيُرَدُّ الدِّرْهَمُ عَلَيْهِ، وَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَالْحَطُّ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ الْمُبْتَدَأَةِ، لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ، وَلَوْ زَادَهُ فِي الثَّمَنِ دِرْهَمًا، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -: الزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَا بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَحَدِهِمَا خِيَارًا أَوْ أَجَلًا، يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ هَذَا الشَّرْطُ، وَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ إذَا ذَكَرَ فِيهِ شَرْطًا فَاسِدًا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ حَتَّى يَفْسُدَ الْعَقْدُ، وَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ هَذَا الشَّرْطُ، وَحُجَّتُهُمَا فِي ذَلِكَ: أَنَّ الشَّرْطَ، وَالزِّيَادَةَ بَيْعٌ فِي الْعَقْدِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي الشَّيْءِ مُبْطِلًا لِأَصْلِهِ؛ وَلِأَنَّ فِي إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ، وَالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ إبْطَالَهُ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ ذَلِكَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ؛ فَإِذَا أَثْبَتنَا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِحَاقِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِهِ، وَبِبُطْلَانِ الْعَقْدِ، تَبْطُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>