فَانْهَدَمَتْ مِنْ عَمَلِهِمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِخِلَافٍ مِنْهُ فَإِنَّ مَا فَعَلَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ مَنْزِلًا تَدْخُلُ الدَّوَابُّ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ عَادَةً، فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهُوَ غَاصِبٌ ضَامِنٌ؛ لِمَا يَنْهَدِمُ بِعَمَلِهِ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُكَارِيَيْنِ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَنْتَقِضُ بِمَوْتِهِمَا وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ إذَا شَرَطَ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنَّهُ يَخِيطُ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ الْخَيَّاطُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمَنَافِعَ جُعِلَتْ كَالْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ، ثُمَّ الْعَقْدُ عَلَى الْعَيْنِ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَكَذَلِكَ الْعَقْدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ كَالْعَيْنِ فَقَدْ تَمَّ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْكُلِّ فَبِمَوْتِ الْأَجِيرِ لَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَارِثَهُ يَخْلُفُهُ فِيمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ وَقَاسَ بِالْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا زَرْعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْتَقِضُ بِالْإِنْفَاقِ بَلْ يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِي تَرْبِيَةِ الزَّرْعِ فِيهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ وَلِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُقْصَدُ بِهِ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ إلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ هَذَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ كَالنِّكَاحِ فَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَبِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ لِتَضَمُّنِهِ فَوَاتَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْخَيَّاطِ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِيَدِهِ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى بِالِاتِّفَاقِ وَلَنَا طَرِيقَانِ.
(أَحَدُهُمَا) فِي مَوْتِ الْأَجِيرِ فَنَقُولُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ الْمَنَافِعُ الَّتِي تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْأَجِيرِ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ رَقَبَةَ الدَّارِ تَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ وَالْمَنْفَعَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الدَّارَ بِرِضَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهَا إلَى غَيْرِهِ تَوْضِيحُهُ أَنَّهُ فِيمَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ هُوَ مُضِيفٌ لِلْعَقْدِ إلَى الْغَيْرِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إلْزَامِ الْعَقْدِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَتَجَدَّدُ فِي مِلْكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ.
(قِيلَ) فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلَ الْإِجَارَةُ فِيهَا مِنْ الْمُوَرِّثِ.
(قُلْنَا) إنَّمَا لَا تَعْمَلُ إجَارَتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى حَقِّهِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَمَا كَانَ يَعْلَمُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ مُضَافٌ إلَى مَحَلِّ حَقِّهِ وَهَذَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ فِي حُكْمِ مِلْكِ الْعَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ بِمِلْكِ رَقَبَةِ الْأَمَةِ حَقٌّ فِيمَا هُوَ حَقُّ الزَّوْجِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ فِي مَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْعَقْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنَّمَا يَبْقَى عَلَى أَنْ يَخْلُفَهُ الْوَارِثُ وَالْمَنْفَعَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تُوَرَّثُ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا مَاتَ لَا يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute