للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ تَكَارَاهَا إلَى وَاسِطَ يَعْلِفُهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَرَكِبَهَا حَتَّى أَتَى وَاسِطَ فَلَمَّا رَجَعَ حَمَلَ عَلَيْهَا رَجُلًا مَعَهُ فَعَطِبَتْ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا فِي الذَّهَابِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ بِعَلَفِهَا فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْأَجْرِ وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا فِي الذَّهَابِ وَنِصْفُ أَجْرِ مِثْلِهَا فِي الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى فِي الرُّجُوعِ مَنْفَعَةَ نِصْفِهَا وَهُوَ مَا شَغَلَهَا بِرُكُوبِ نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ يَلْزَمُهُ نِصْفُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ إذَا رَكِبَهَا وَأَرْدَفَ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْمُسَمَّى وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ: لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ يَجِبُ الْأَجْرُ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ وَفِي الْفَاسِدِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَى.

(قَالَ:) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ عِنْدِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا فَبِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ يُوجَبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَفِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ لَا يُعْتَبَرُ التَّمَكُّنُ فِيمَا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ غَيْرِهِ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِحَسَبِ مَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُ مِثْلِهَا إذَا أَرْدَفَ فَإِذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ نِصْفَ أَجْرِ مِثْلِهَا فَقَدْ أَوْجَبْنَا مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ جَمِيعَ مَا يَخُصُّ رُكُوبَهُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَإِنَّ جَمِيعَ الْمُسَمَّى هُنَاكَ بِمُقَابَلَةِ رُكُوبِهِ فَهُوَ نَظِيرُ نِصْفِ أَجْرِ الْمِثْلِ هُنَا، ثُمَّ يَكُونُ ضَامِنًا نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ حَمَلَ عَلَيْهَا مَتَاعًا مَعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ بِقَدْرِ مَا زَادَ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيَحْسِبُ مَا عَلَفَهَا بِهِ لِأَنَّهُ عَلَفَهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَيَسْتَوْجِبُ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ قِصَاصًا بِمَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِ صَاحِبُهَا مِنْ الْأَجْرِ.

وَإِنْ تَكَارَى دَابَّةً عَشَرَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَحَبَسَهَا وَلَمْ يَرْكَبْهَا حَتَّى رَدَّهَا يَوْمَ الْعَاشِرِ قَالَ: يَسَعُ صَاحِبَهَا أَنْ يَأْخُذَ الْكِرَاءَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَبْهَا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يَسْتَحِقُّهَا بِمَا هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ وَهُوَ تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ إلَيْهِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ رُكُوبِهَا فِي الْمُدَّةِ فَيَطِيبُ لَهُ الْأَجْرُ كَالْمَرْأَةِ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى زَوْجِهَا طَابَ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَطَأْهَا.

وَإِنْ تَكَارَاهَا يَوْمًا وَاحِدًا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا حَبَسَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ صَاحِبِهَا.

وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً لِعَرُوسٍ تُزَفُّ عَلَيْهَا إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا فَحَبَسَ الدَّابَّةَ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَدَّهَا وَلَمْ يَرْكَبْ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ خُطُوَاتُ الدَّابَّةِ فِي الطَّرِيقِ لِنَقْلِ الْعَرُوسِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ عِنْدَ حَبْسِ الدَّابَّةِ فِي الْبَيْتِ، وَإِنْ حَمَلُوا عَلَيْهَا غَيْرَ الْعَرُوسِ فَإِنْ تَكَارَاهَا لِعَرُوسٍ بِعَيْنِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ مُخَالِفٌ، وَإِنْ تَكَارَاهَا لِعَرُوسٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ قَدْ اُسْتُوْفِيَ وَالتَّعْيِينَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالتَّعْيِينِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ تَكَارَاهَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>