للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ أَمِينًا فِيهِمَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ وَحْدَهَا وَقَالَ: الْمُكَارِي اسْتَأْجِرْ غُلَامًا عَنِّي كَيْ نَتْبَعَكَ وَنَتْبَعَ الدَّابَّةَ وَأَجْرُهُ عَلَيَّ وَأَعْطَاهُ نَفَقَةً يُنْفِقُ عَلَى الدَّابَّةِ فَفَعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَسُرِقَتْ النَّفَقَةُ مِنْ الْغُلَامِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْغُلَامَ وَأَقَرَّ الْغُلَامُ بِالْقَبْضِ لَزِمَ الْمُكَارَى النَّفَقَةُ ضَاعَتْ أَوْ لَمْ تَضَعْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي اسْتِئْجَارِ الْغُلَامِ وَكِيلُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَقَدْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ. اسْتَأْجَرَهُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ الْغُلَامَ وَكِيلَ الْمُكَارِي فِي قَبْضِ النَّفَقَةِ مِنْهُ فَإِقْرَارُهُ بِالْقَبْضِ كَإِقْرَارِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلَوْ تَكَارَاهَا إلَى بَغْدَادَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ فَلَمَّا بَلَغَ بَغْدَادَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ: هِيَ زُيُوفٌ أَوْ سَتُّوقَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ زُيُوفٌ؛ لِأَنَّ الزُّيُوفَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ فَلَا يَصِيرُ بِهِ مُنَاقِضًا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ سَتُّوقٌ؛ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي كَلَامِهِ فَالسَّتُّوقُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الْجِيَادِ فَلَا قَوْلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا يَدَّعِي لِكَوْنِهِ مُتَنَاقِضًا.

وَإِذَا مَاتَ الْمُكَارَى فِي الطَّرِيقِ فَاسْتَأْجَرَ الْمُسْتَكْرِي رَجُلًا يَقُومُ عَلَى الدَّابَّةِ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الدَّابَّةِ، وَإِنْ نَفَقَتْ الدَّابَّةُ فِي الطَّرِيقِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا سَارُوا وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا اسْتَوْفَى أَوْ فِي مِقْدَارِ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْأَجْرِ فَرَبُّ الدَّابَّةِ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْمُسْتَكْرِي مُنْكِرٌ لِذَلِكَ.

وَإِنْ تَكَارَى دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا إلَى بَغْدَادَ وَالْأُخْرَى إلَى حُلْوَانَ فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي إلَى بَغْدَادَ بِعَيْنِهَا وَاَلَّتِي إلَى حُلْوَانَ بِعَيْنِهَا جَازَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ لِجَهَالَةٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَعَلَيْهِ فِيمَا رَكِبَ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِالْجَائِزِ.

وَإِنْ تَكَارَى بَغْلًا إلَى بَغْدَادَ فَأَرَادَ الْمُكَارِي أَنْ يَحْمِلَ مَتَاعًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِكِرَاءٍ مَعَ مَتَاعٍ فَلِلْمُسْتَكْرِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِالْعَقْدِ اسْتَحَقَّ مَنَافِعَهُ وَقَامَ هُوَ فِي ذَلِكَ مَقَامَ الْمَالِكِ وَالْمَالِكُ مَقَامَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ حَمَلَهُ وَبَلَّغَ الدَّابَّةَ بَغْدَادَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَكْرِي أَنْ يَحْبِسَ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهُ بِكَمَالِهِ وَاسْتَوْفَى مَا اسْتَحَقَّهُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَاجِرَانِ فِي مِقْدَارِ الْكِرَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ عَلَيْهِ الزِّيَادَةَ وَبَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ لِلزِّيَادَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْمُؤَاجِرَانِ الْبَيِّنَةَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ مَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُهُ؛ لِأَنَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>