وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ لِضَرُورَةِ التَّمَلُّكِ فَلَمْ يَضْمَنْ الشَّاهِدَانِ لَهُمَا شَيْئًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَضْمَنَانِ مَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالتَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْفُرْقَةِ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَضْمَنَانِ لِلزَّوْجِ مَهْرَ الْمِثْلِ
وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلَ الْمَرْأَةَ رَجُلٌ لَمْ يَضْمَنْ الْقَاتِلُ لِلزَّوْجِ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَضْمَنُ مَهْرَ الْمِثْلِ
وَكَذَلِكَ لَوْ ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَمْ يَغْرَمْ لِلزَّوْجِ شَيْئًا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِلزَّوْجِ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَاتِلِ وَعَلَيْهَا إنْ ارْتَدَّتْ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ فَيُقَوَّمُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ عَيْنُ مَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ فَمِنْ ضَرُورَةِ التَّقَوُّمِ فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ التَّقَوُّمُ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى كَمِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَتَقَوَّمُ عِنْدَ ثُبُوتِهِ ابْتِدَاءً وَيَتَقَوَّمُ أَيْضًا عِنْدَ الْإِزَالَةِ بِطَرِيقِ الْإِبْطَالِ وَهُوَ الْعِتْقُ حَتَّى يَضْمَنَ شُهُودُ الْعِتْقِ الْقِيمَةَ إذَا رَجَعُوا
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا ضَمِنُوا نِصْفَ الْمَهْرِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْبُضْعُ مُتَقَوِّمًا عِنْدَ الطَّلَاقِ لَمَا ضَمِنُوا شَيْئًا وَإِذَا ثَبَتَ التَّقَوُّمُ قُلْنَا الْمُتَقَوِّمُ مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ كَالنَّفْسِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْبُضْعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ بِالْمَالِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ يَتَقَدَّرُ بِالْمِثْلِ وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْبُضْعِ وَالْمَالِ صُورَةً وَمَعْنًى فَأَمَّا عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ الْمُتَقَوِّمُ هُوَ الْمَمْلُوكُ دُونَ الْمِلْكِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ وَكَانَ تَقَوُّمُهُ لِإِظْهَارِ خَطَرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ حَتَّى يَكُونَ مَصُونًا عَنْ الِابْتِدَالِ وَلَا يَمْلِكُ مَجَّانًا فَإِنَّ مَا يَمْلِكُهُ الْمَرْءُ مَجَّانًا لَا يَعْظُمُ خَطَرُهُ عِنْدَهُ وَذَلِكَ مَحَلٌّ لَهُ خَطَرٌ مِثْلُ خَطَرِ النُّفُوسِ؛ لِأَنَّ النَّسْلَ يَحْصُلُ بِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ فِي طَرَفِ الْإِزَالَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَمَلَّكُ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا وَلَكِنْ يَبْطُلُ مِلْكُ الزَّوْجِ عَنْهَا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَا هُوَ مَشْرُوطٌ لِمَعْنَى الْخَطَرِ عِنْدَ التَّمَلُّكِ كَالشُّهُودِ وَالْوَلِيِّ لَا يَشْتَرِطُ شَيْئًا مِنْهُ عِنْدَ الْإِزَالَةِ وَأَنَّ الْأَبَ لَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَالِهِ يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَوْ خَلَعَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِمَالِهَا مِنْ زَوْجِهَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَهَذَا بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَهُوَ مِلْكُ مَالٍ وَالْمَالُ مِثْلُ الْمَالِ صُورَةً وَمَعْنًى فَعِنْدَ الْإِتْلَافِ يَضْمَنُ بِالْمَالِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ هُنَاكَ قِيمَةَ الْبُضْعِ فَقِيمَةُ الْبُضْعِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا يَغْرَمَانِ نِصْفَ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُمَا أَكَّدَا عَلَى الزَّوْجِ مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ارْتَدَّتْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَهْرُ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا فَهُمَا أَكَّدَا عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ فَكَأَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ ذَلِكَ، هُوَ عِبَارَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَالْأَوْجَهُ
أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute