للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِلْكَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُثْبِتُ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا تَسْتَحِقُّ بِهِ الزَّوَائِدَ وَيَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْبَعْضِ بِالثَّمَنِ فَكَانَ التَّارِيخُ الَّذِي لَمْ يُوَقِّتْ شُهُودُهُ أَسْبَقَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ يَبْطُلُ هَذَا بِفَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَصَاحِبُ النِّتَاجِ أَوْلَى فَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُثْبِتُ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ الْأَصْلِ لَاسْتَوَيَا.

وَالثَّانِي إذَا ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ أَعْتَقَهُ وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْعِتْقِ أَوْلَى وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ يَثْبُتُ لِمُدَّعِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْأَصْلِ لَصَارَ هُوَ أَوْلَى مِنْ مُدَّعِي الْعِتْقِ وَإِنْ وَقَّتَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا سَنَةً وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ سَنَتَيْنِ قُضِيَ بِالْعَبْدِ لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْوَقْتُ وَغَيْرُ الْوَقْتِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ هَكَذَا ذُكِرَ فِي نُسَخِ أَبِي حَفْصٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ فِي نُسَخِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى وَقْتِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَاشْتَبَهَ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِاخْتِلَافِ النُّسَخِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ أَنَّ صَاحِبَ التَّارِيخِ السَّابِقِ أَثْبَتَ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فِي وَقْتٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ فَيَثْبُتُ مِلْكُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْمِلْكَ إلَّا لِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ وَالْآخَرُ لَا يَدَّعِي الْمِلْكَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِالشِّرَاءِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ وَاحِدٍ وَأَرَّخَا وَأَحَدُهُمَا أَسْبَقُ تَارِيخًا كَانَ صَاحِبُ أَسْبَقِ التَّارِيخَيْنِ أَوْلَى فَهَذَا مِثْلُهُ.

وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّارِيخَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْمِلْكِ فَوُجُودُ ذِكْرِهِ كَعَدَمِهِ ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ مُوَرِّثِهِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ لَهُ وَلَا تَارِيخَ فِي مِلْكِ الْمُوَرِّثَيْنِ فَيُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ حَتَّى لَوْ أَرَّخَا مِلْكَ الْمُوَرِّثَيْنِ وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ كَانَ هُوَ أَوْلَى هَكَذَا ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشِّرَاءِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخُوا مِلْكَ الْبَائِعَيْنِ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ فَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي لَا يَنْبَنِي عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَكِنْ يَحْدُثُ لِلْمُشْتَرِي مِلْكٌ جَدِيدٌ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ وَهُوَ الشِّرَاءُ فَأَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا أَثْبَتَ مِلْكًا مُتَجَدِّدًا لِنَفْسِهِ فِي وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَكَانَ هُوَ أَوْلَى فَأَمَّا مِلْكُ الْوَارِثِينَ فَيَنْبَنِي عَلَى مِلْكِ الْمُوَرِّثِينَ؛ لِأَنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ وَلَا تَارِيخَ فِي مِلْكِ الْمُوَرِّثِينَ فَاسْتَوَيَا لِهَذَا.

قَالَ وَإِنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>