للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُذْكَرُ لِبَيَانِ سَبَبِ وُجُوبِ الْمَالِ وَبَيَانِ الْمَحَلِّ الَّذِي أُثْبِتَ فِيهِ وُجُوبُ الْمَالِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ قَدْحًا فِي إقْرَارِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ صَكٌّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ كِتَابٌ أَوْ حِسَابٌ بِأَلْفٍ لَزِمَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلْصَاقُ الْأَلْفِ بِالصَّكِّ وَالْكِتَابِ وَالْحِسَابِ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ شَرِكَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَوْ مِنْ شَرِكَةِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَوْ مِنْ تِجَارَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَوْ مِنْ خُلْطَةٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَرْفَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَلَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ الْأَلْفِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالْخُلْطَةِ بَيْنَهُمَا إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهَا.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي قَضَاءِ فُلَانٍ، وَهُوَ قَاضٍ أَوْ فِي فُلَانٍ الْفَقِيهِ أَوْ هُنَا أَوْ فِي فِقْهِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي قَضَاءِ فُلَانٍ كَقَوْلِهِ فِي شَهَادَةِ فُلَانٍ أَوْ فِي عِلْمِ فُلَانٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ بَيَانُ الْأَمْرِ بِخِلَافِ مَا فِي عِلْمِهِ فَكَذَلِكَ هُنَا وَقَوْلُهُ شَهَادَةٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ بِقَوْلِ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ قَوْلُهُ، فَإِنْ قَالَ: بِقَضَاءِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ قَاضٍ يَلْزَمُهُ الْمَالُ كَقَوْلِهِ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَبِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ أَلْصَقَ الْقَضَاءَ بِالْمَالِ فَالْمَالُ الْمَقْضِيُّ بِهِ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ قَاضِيًا، فَقَالَ الطَّالِبُ حَاكَمْته إلَيْهِ فَقَضَى لِي عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَكَمِ فِي حَقِّ الْخَصْمَيْنِ كَقَضَاءِ الْقَاضِي فِي حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً فَكَانَ قَوْلُهُ بِقَضَائِهِ بَيَانًا لِتَأْكِيدِ الْمَالِ عَلَيْهِ بِهَذَا السَّبَبِ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحَاكِمْهُ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَصِبْ قَاضِيًا فِي حَقِّهِمَا قَطُّ فَلَا يَكُونُ قَضَاؤُهُ مُلْزِمًا إيَّاهُ شَيْئًا فَهَذَا وَقَوْلُهُ يَقِينُ فُلَانٍ سَوَاءٌ.

وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي ذِكْرِهِ أَوْ بِذِكْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ فِي حِسَابِهِ أَوْ بِحِسَابِهِ أَوْ فِي كِتَابِهِ أَوْ بِكِتَابِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ كِتَابَهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُلْتَزَمٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ غَيْرَهُ

وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بِسَلَمٍ أَوْ بِسَلَفٍ أَوْ مِنْ سَلَفٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ وَالسَّلَمَ عِبَارَتَانِ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا أَخْذُ الْعَاجِلِ بِالْآجِلِ فَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَيَانًا لِسَبَبِ وُجُوبِ الْكُرِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ لِبَيْعٍ أَوْ مِنْ قِبَلِ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قِبَلِ إجَارَةٍ أَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ بِكَفَالَةٍ أَوْ لِكَفَالَةٍ أَوْ عَلَى كَفَالَةٍ لَزِمَ الْمَالُ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ بَيَانٌ وَسَبَبُ وُجُوبِ الْمَالِ مِنْهُ، وَهُوَ سَبَبٌ صَحِيحٌ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ بِهِ.

وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا شَيْئًا يَلْزَمُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَزِيَادَةٌ بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمُسْتَثْنَى لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مَا يَبْرَأُ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْمُقَرِّ بِهِ فَكَمَا أَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فَكَذَلِكَ جَهَالَةُ الْمُسْتَثْنَى لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مُثْبَتٌ وَالْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُثْبَتٍ، فَإِذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ مَعَ الْجَهَالَةِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي بَيَانِ الْمُسْتَثْنَى سَوَاءٌ بَيَّنَهُ بِقَدْرِ النِّصْفِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>