الْبُرْءِ فَلِهَذَا لَزِمَهُ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ.
وَلَوْ أَنَّ جُنُبًا مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّيَمُّمِ قَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْجَنَابَةِ مَا لَمْ يَجِدْ مَاءً يَكْفِيهِ لِلِاغْتِسَالِ فَإِنَّمَا لُبْسُ الْخُفِّ بَعْدَ الْوُضُوءِ عَلَى طَهَارَةٍ تَامَّةٍ مَا لَمْ يَجِدْ مَاءً يَكْفِيه لِلِاغْتِسَالِ وَلَوْ لَمْ يَتَيَمَّمْ وَلَكِنَّهُ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَ الْخُفَّ لَا عَلَى طَهَارَةٍ فَإِنَّ الْوُضُوءَ فِي حَقِّ الْجُنُبِ لَا يَكُونُ طَهَارَةً فَإِنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ مَرَّ بِمَاءٍ يَكْفِيه لِلِاغْتِسَالِ فَلَمَّا جَاوَزَهُ أَحْدَثَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ تَيَمُّمِ الْأَوَّلِ قَدْ انْتَهَى بِمَا أَصَابَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ مَرَّ بِمَاءٍ يَكْفِيه لِلِاغْتِسَالِ فَقَدْ عَادَ جُنُبًا كَمَا كَانَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ نَزْعُ الْخُفَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَلَوْ أَنَّ جُنُبًا اغْتَسَلَ وَبَقِيَ بَعْضُ جَسَدِهِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ أَصَابَ مَاءً فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ مَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ وَيَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْجُنُبِ الَّذِي بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ أَصَابَ مَاءً فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمَوْجُودُ يَكْفِيه لِمَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ وَلِلْوُضُوءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ مَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ هُوَ مُحْدِثٌ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَا يَكْفِيه لِوَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَلَكِنْ يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ الْمَوْجُودَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ لِتَقْلِيلِ الْجَنَابَةِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الْمَوْجُودُ بِحَيْثُ يَكْفِيه لِلُّمْعَةِ وَلَا يَكْفِيه لِلْوُضُوءِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ اللُّمْعَةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْجَنَابَةِ ثُمَّ هُوَ مُحْدِثٌ لَا مَاءَ مَعَهُ فَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ الَّذِي مَعَهُ يَكْفِيه لِلْوُضُوءِ وَلَا يَكْفِيه لِمَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ؛ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ لِلْجَنَابَةِ بَاقٍ حِينَ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَكْفِيه لِإِزَالَتِهَا فَهُوَ مُحْدِثٌ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ.
وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ بِحَيْثُ يَكْفِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَلَا يَكْفِيه لَهُمَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَ الْمَاءَ إلَى غُسْلِ مَا بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ أَغْلَظُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْجُنُبَ يُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْمُحْدِثُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ إزَالَةُ أَغْلَظِ الْحَدَثَيْنِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْحَدَثِ فَإِنْ تَيَمَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ غَسَلَ اللُّمْعَةَ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ وَفِي الزِّيَادَاتِ يَقُولُ لَا يُجْزِئُهُ وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute