للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَضَمِنَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ سَاكِتًا فَإِنَّمَا دَفَعَ الْمَالَ بِزَعْمِهِ وَزَعْمُهُ أَنْ يَسْتَفِيدَ الْغَرِيمُ الْبَرَاءَةَ بِمَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ فَيُفِيدُ رِضَاهُ بِهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَضَمِنَهُ فَقَدْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي لَا آمَنُ أَنْ يَجْحَدَ الطَّالِبُ إذَا تَصَرَّفَ ضَمِنَ لَهُ مَا يَقْبِضُهُ الطَّالِبُ مِنِّي وَهَذَا ضَمَانٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الطَّالِبَ فِي حَقِّهِمَا غَاصِبٌ فِيمَا يَقْبِضُهُ ثَانِيًا فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنَا ضَامِنٌ لَك مَا يَغْصِبُهُ فُلَانٌ مِنْك وَهَذَا إضَافَةٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ فَكَانَ صَحِيحًا فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ فِي الْمَقْبُوضِ أَمِينٌ وَأَنَّ الطَّالِبَ فِي قَبْضِهِ مِنْ الْغَرِيمِ ثَانِيًا غَاصِبٌ ظَالِمٌ وَمَنْ ظُلِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ

قَالَ وَلَوْ قَبِلَ الْوَكَالَةَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ لَمَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْعَزْلَ حَجْرٌ عَلَيْهِ فِي الْقَبْضِ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ حُرٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بِرِسَالَةٍ مِنْ الْآمِرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ مِنْهُ إنْ أَعْطَاهُ لِأَنَّهُ كَعِبَارَةِ الْمُرْسِلِ وَإِرْسَالُ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ فِي مِثْلِ هَذَا مُعْتَادٌ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَجِدُ عَدْلًا لِيُرْسِلَهُ فِي حَوَائِجِهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ وَكَّلَهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمَطْلُوبِ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْخَبَرُ أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ لِأَنَّ تَوْكِيلَهُ إيَّاهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمَطْلُوبِ أَمْرٌ لِلْمَطْلُوبِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ ثُمَّ الْإِخْرَاجُ نَهْيٌ لَهُ عَنْ ذَلِكَ فَبَعْدَ مَا عَلِمَ بِالْأَمْرِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ النَّهْيِ فِي حَقِّهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ

قَالَ وَإِذَا ارْتَدَّ الْوَكِيلُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ رَجَعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ أَمَّا عِنْدَ ذَهَابِ عَقْلِهِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُنَافِي الْوَكَالَةَ وَلَكِنَّهُ فِي حَالِ الْجُنُونِ عَاجِزٌ عَنْ الْقَبْضِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِي الْمَقْبُوضِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ أَمَّا فِي الرِّدَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي قَضَى بِإِلْحَاقِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَيْبَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِلِحَاقِهِ فَهَذَا الْجَوَابُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ بَيَّنَّا الْخِلَافَ فِيمَا سَبَقَ

قَالَ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وَهَبَهُ الْغَرِيمُ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَخَّرَهُ أَوْ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ غَيْرُ مَا أَمَرَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا وَهُوَ مُجْبَرٌ عَلَى الْقَبْضِ إذَا أَتَاهُ الْمَطْلُوبُ بِالْمَالِ وَهَذَا قَوْلٌ هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْجِنْسِ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ إذَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ ذَلِكَ كَالشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ وَالِاسْتِبْدَالِ وَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ قَدْ بَرَأَ إلَيَّ مِنْهُ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهَذَا الْقَوْلِ بَرِئَ الْغَرِيمُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ وَالْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي بَرَاءَةِ الْغَرِيمِ قَالَ وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمَالِ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>