للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْقِطٌ الْحَقَّ بِالصُّلْحِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إسْقَاطُهُ بِقَدْرِ مَا أَمَرَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ هُوَ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُهُ أَصْلًا

قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِالصُّلْحِ فِي شَجَّةٍ تُدَّعَى قِبَلَهُ وَإِنْ يَضْمَنْ الْبَدَلَ فَصَالَحَ عَلَى صِنْفٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ عَلَى خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَهُوَ جَائِزٌ وَعَلَى الْوَكِيلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَسَطُ.

كَمَا لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ صَالَحَ بِنَفْسِهِ وَهَذَا لِأَنَّهُ مَالٌ يَلْتَزِمُهُ عِوَضًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَجَهَالَةُ الْوَصْفِ فِي الْمُسَمَّى لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ فِي مِثْلِهِ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِأَمْرِهِ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَضْمَنَ

قَالَ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَطْلُوبُ وَكِيلًا بِالصُّلْحِ فِي مُوضِحَةٍ عَمْدًا فَصَالَحَ الْوَكِيلَ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدِ الْمُوَكِّلِ سِنِينَ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ خِدْمَةِ عَبْدِهِ كَتَسْمِيَةِ رَقَبَةِ عَبْدِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصُّلْحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَنْفَعَةِ عَبْدِهِ فَيُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْضَ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا نَظِيرَهُ فِيمَا إذَا سَمَّى فِي الصُّلْحِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ وَأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى كَاسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ التَّسْمِيَةُ وَلَكِنْ يَجِبُ قِيمَةُ الْمُسَمَّى قَالَ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ حُرٍّ فَهُوَ عَفْوٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْمَالُ فِيهِ بِالتَّسْمِيَةِ وَإِذَا كَانَ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِمَالٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَالطَّلَاقِ فَإِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ حُرٍّ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَهَذَا بِخِلَافِ الْبُضْعِ لِأَنَّ الْبُضْعَ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ هُنَاكَ عَنْ ذِكْرِ الْبَدَلِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْبَدَلِ هُنَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أُصَالِحُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْخَلِّ فَضَمِنَهُ لَهُ فَإِذَا الْعَبْدُ حُرٌّ وَالْخَلُّ خَمْرٌ فَعَلَى الْوَكِيلِ أَرْشُ الشَّجَّةِ لِأَنَّهُ سَمَّى مُتَقَوِّمًا فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ بِمَالٍ تَمَكَّنَ الْغَرَرُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَرْجِعُ بِأَصْلِ حَقِّهِ وَهُوَ أَرْشُ الشَّجَّةِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخُلْعِ فِي هَذَا ثُمَّ الْوَكِيلُ قَدْ ضَمِنَهُ فَيَكُونُ مُطَالَبًا بِحُكْمِ الضَّمَانِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ أَمْرَهُ فِيمَا الْتَزَمَ.

وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لِلْمُصَالِحِ غَيْرُ الْعَبْدِ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآخَرُ لَهُ الْعَبْدُ الْبَاقِي وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعَ الْعَبْدِ الْبَاقِي تَمَامُ أَرْشِ الشَّجَّةِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْخُلْعِ هَكَذَا فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ الْمُصَالِحُ سَمَّى عَبْدَيْنِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا تَحَقَّقَ الْغَرَرُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَكُونُ حَقُّ الطَّالِبِ فِي تَمَامِ أَرْشِ الشَّجَّةِ هُنَا وَحَقُّ الرُّجُوعِ لِلزَّوْجِ فِيمَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الصَّدَاقِ فِي الْخُلْعِ هَكَذَا فَيَأْخُذُ الْعَبْدَ الْبَاقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>