للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ إلَى تَمَامِ الشَّجَّةِ بِاعْتِبَارِ الْغَرَرِ كَمَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى عَبْدٍ وَاحِدٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ الْخُلْعُ وَالصُّلْحُ بِاعْتِبَارِ تَسْمِيَةِ الْبَاقِي صَحِيحٌ وَتَسْمِيَةُ الْحُرِّ مَعَهُ لَغْوٌ فَصَارَ ذِكْرُهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ سَوَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى عَبْدًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ هُنَاكَ مُعَاوَضَةً بِاعْتِبَارِ مَا وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ مِنْ الْعَبْدِ الْبَاقِي فَلِهَذَا جَعَلْنَا التَّسْمِيَةَ فِي الْعَبْدِ الْأَخِيرِ لَغْوًا وَأَصْلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْعَبْدَ الْبَاقِيَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآخَرِ لَهَا الْعَبْدُ الْبَاقِي وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهَا الْعَبْدُ الْبَاقِي وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا قَالَ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ فَإِذَا هُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ عَلَى أَمَةٍ فَإِذَا هِيَ أُمُّ وَلَدٍ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ تَسْلِيمَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَمْلُوكٌ مُتَقَوِّمٌ وَلَكِنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْسَهُ بِالْحُرِّيَّةِ الثَّابِتَةِ لَهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ غَيْرُهُ وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ فَهَذَا مِثْلُهُ

قَالَ وَإِذَا شَجَّ رَجُلَانِ رَجُلًا مُوضِحَةً فَوَكَّلَ وَكِيلًا يُصَالِحُ مَعَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ.

كَمَا لَوْ بَاشَرَ الصُّلْحَ بِنَفْسِهِ وَعَلَى الْآخَرِ نَصِفُ الْأَرْشِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْجَنَابَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِفُ الْأَرْشِ دُونَ الْقَوَدِ فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْفِعْلِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَالَ وَإِنْ وَكَّلَهُ أَنْ يُصَالِحَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّهمَا هُوَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ هَذِهِ جَهَالَةٌ مُسْتَدْرَكَةٌ وَمِثْلُهَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَكَالَةِ ثُمَّ الرَّأْيُ إلَى الْوَكِيلِ يُصَالِحُ أَيَّهمَا شَاءَ

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّاجُّ وَاحِدًا وَالْمَشْجُوجُ اثْنَيْنِ فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِالصُّلْحِ عَنْهُمَا فَصَالَحَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُسَمِّهِ ثُمَّ قَالَ الْوَكِيلُ هُوَ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ صَالَحَ مَعَهُ وَهُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَإِلَيْهِ تَعْيِينُ مَا بَاشَرَ مِنْ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لِلتَّعْيِينِ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَلِكَ فِي الِانْتِهَاءِ يَصِحُّ تَعْيِينُهُ وَيَكُونُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُوَكِّلِ فِيهِ

قَالَ وَإِذَا اشْتَرَكَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فِي مُوضِحَةٍ شَجَّاهَا رَجُلًا فَوَكَّلَ الْحُرُّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ وَكِيلًا فَصَالَحَ عَنْهُمَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَعَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ نَصِفُ ذَلِكَ قَلَّتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوْ كَثُرَتْ وَعَلَى الْحُرِّ نِصْفُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ مُطَالَبًا بِنِصْفِ الْجِنَايَةِ وَإِنَّمَا وَكَّلَا الْوَكِيلَ بِالصُّلْحِ عَنْ الْجِنَايَةِ فَإِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِالنِّصْفِ كَانَ الْوَكِيلُ نَائِبًا عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِفُ الْبَدَلِ.

كَمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ كَانَ الْمَوْلَى وَالْأَجْنَبِيُّ صَالَحَا بِأَنْفُسِهِمَا مَعَ الْمَشْجُوجِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْلَى بِهَذَا الصُّلْحِ صَارَ مَانِعًا دَفْعَ الْعَبْدِ فَيَكُونُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَعِنْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>