للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آمِنٍ وَغَابَ فَيَبْرَأُ مِمَّا سَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَمَكُّنُهُ مِنْ أَنْ يُحْضِرَهُ مَجْلِسَ الْقَاضِي إمَّا لِيَثْبُتَ الْحَقَّ عَلَيْهِ أَوْ لِيَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا وَهَذَا قَدْ حَصَلَ ثُمَّ كَمَا يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُهُ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُهُ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ فَيَتَقَابَلُ الْمَوْهُومَاتُ وَيَبْقَى التَّسْلِيمُ مُتَحَقِّقًا مِنْ الْكَفِيلِ عَلَى وَجْهِ الِالْتِزَامِ فَيَبْرَأُ بِهِ

وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْهُ فَلَزِمَهُ الطَّالِبُ فَقَالَ الْكَفِيلُ: دَعْهُ وَإِنَّمَا عَلَى كَفَالَتِي أَوْ عَلَى مِثْلِ كَفَالَتِي أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ أَتَى بِلَفْظٍ صَالِحٍ لِإِنْشَاءِ الْكَفَالَةِ بِهِ أَمَّا قَوْلُهُ أَنَا عَلَى كَفَالَتِي أَيْ بِعَقْدِ إنْشَائِهِ سِوَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِهِ إلَّا هَذَا وَوَجْهُ الصِّحَّةِ مَقْصُودُ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ عَاقِلٍ أَوْ مَعْنَاهُ فَسَخْنَا ذَلِكَ الْإِبْرَاءَ الْحَاصِلَ لِي بِالرَّدِّ عَلَيْك فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ كَمَا قُلْت

وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي قِبَلَهُ مَالًا عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ كَفَالَةً بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَكَالَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ بِهَذِهِ الدَّعَاوَى لِلْجَوَابِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الطَّالِبُ يَدَّعِي قِبَلَ الْمَطْلُوبِ قِصَاصًا فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونَهَا أَوْ حَدًّا فِي قَذْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ لِأَنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ لِلْجَوَابِ يُسْتَحَقُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي هَذِهِ الدَّعَاوَى فَيَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِعَقْدِ الْكَفَالَةِ وَمُرَادُهُ مِنْ هَذَا إذَا أَعْطَى الْكَفِيلَ بِنَفْسِهِ طَوْعًا فَأَمَّا الْقَاضِي فَلَا يَأْخُذُهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِنَفْسٍ فِي دَعْوَى الْقِصَاصِ وَالْحَدِّ وَلَكِنْ إنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ مَسْتُورَيْنِ أَوْ شَاهِدًا عَدْلًا وَقَالَ لِي شَاهِدٌ آخَرُ حَاضِرٌ حَبَسَهُ الْقَاضِي عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى اسْتِحْسَانًا وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ شَاهِدًا لَمْ يَحْبِسْهُ وَلَكِنَّهُ يُمَكِّنُهُ مِنْ مُلَازَمَتِهِ إعْطَاءَ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ شَاهِدًا لَمْ يَحْبِسْهُ وَلَكِنَّهُ يُمَكِّنُهُ مِنْ مُلَازَمَتِهِ إذَا ادَّعَى شُهُودًا حُضُورًا إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ لِيَأْتِيَ بِهِمْ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِالْآخَرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ التَّوَثُّقُ وَالِاحْتِيَاطُ وَمَبْنَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ الدَّرْءُ وَالْإِسْقَاطُ فَلِهَذَا لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قُلْتُمْ بِحَبْسِهِ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ عَدْلٍ وَمَعْنَى الِاحْتِيَاطِ فِي الْحَبْسِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ قُلْنَا الْحَبْسُ لَيْسَ لِلِاحْتِيَاطِ وَلَكِنْ لِتُهْمَةِ الدَّعَاوَى وَالْفَسَادِ فَبِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ أَوْ شَهَادَةِ الْمَسْتُورَيْنِ يَصِيرُ مُتَّهَمًا بِذَلِكَ فَيُحْبَسُ تَعْزِيرًا لَهُ وَهَذَا لِأَنَّ الْحَبْسَ نَوْعُ عُقُوبَةٍ وَفِي دَعْوَى الْقِصَاصِ وَالْحَدِّ عُقُوبَةٌ هِيَ أَقْوَى مِنْ الْحَبْسِ إذَا صَارَ مُتَّهَمًا بِهِ يُعَاقَبُ بِالْحَبْسِ

فَأَمَّا فِي الْمَالِ فَأَقْصَى الْعُقُوبَاتِ إذَا ثَبَتَ الْحَبْسُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاقَبَ بِهِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ بِأَخْذِ الْكَفِيلِ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّ هَذَا فِي دَعْوَى الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ بِنَفْسِهِ لَوْ كَفَلَ صَحَّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ الْحَدِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>