الصِّغَارِ وَبِهِ فَارَقَ الْعِجَافَ، فَإِنَّ تِلْكَ الْأَسْنَانَ تُؤْخَذُ فِيهَا مَعَ الْعَجَفِ وَصَاحِبُ الشَّرْعِ اعْتَبَرَ السِّنَّ فِي الْمَأْخُوذِ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَالتَّمَسُّكِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْعِقَالِ مَدْخَلًا فِي الزَّكَاةِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْفِصْلَانِ فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ حَتَّى تَبْلُغَ عَدَدًا لَوْ كَانَتْ كِبَارًا تَجِبُ فِيهَا الْوَاحِدَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ لَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ ثِنْتَانِ مِنْهَا إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ ثَلَاثٌ مِنْهَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةً مِنْ مَالٍ اُعْتُبِرَ قَبْلَهُ أَرْبَعَةُ نُصُبٍ وَأَوْجَبَ فِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ ثِنْتَيْنِ فِي مَوْضِعٍ اعْتَبَرَ ثَلَاثَةَ نُصُبٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِي الْمَالِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ هَذِهِ النُّصُبِ لَوْ أَوْجَبْنَا كَانَ بِالرَّأْيِ لَا بِالنَّصِّ.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ تَعْيِينَ الْوَاجِبِ بِالنَّصِّ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ وَالسِّنِّ وَقَدْ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا وَهُوَ السِّنُّ فِي الْفُصْلَانِ فَبَقِيَ الْآخَرُ وَهُوَ الْعَدَدُ مُعْتَبَرًا وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ يَجِبُ فِي خَمْسٍ فِصْلَانِ الْأَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَمِنْ شَاةٍ وَفِي الْعَشْرِ الْأَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَمِنْ شَاتَيْنِ وَفِي الْخَمْسَةَ عَشْرَ الْأَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَمِنْ ثَلَاثِ شِيَاهٍ، وَفِي الْعِشْرِينَ الْأَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَمِنْ أَرْبَعِ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِي الْكِبَارِ الْوَاجِبَ فِي الْخَمْسِ شَاةٌ لِلتَّيْسِيرِ حَتَّى لَوْ أَدَّى وَاحِدَةً مِنْهَا جَازَ، وَكَذَلِكَ مَا بَعْدَهَا إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَكَذَلِكَ فِي الصِّغَارِ يُؤْخَذُ عَلَى ذَلِكَ الْقِيَاسِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْخَمْسِ خُمُسُ فَصِيلٍ، وَفِي الْعَشْرِ خُمُسَا فَصِيلٍ وَهَكَذَا إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْبَعْضَ بِالْجُمْلَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - خَرَّجُوا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الزِّيَادَاتِ فِي زَكَاةِ الْمَهَازِيلِ فَقَالُوا: إذَا مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْفِصْلَانِ نُظِرَ إلَى قِيمَةِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَالشَّاةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ بِنْتِ الْمَخَاضِ خَمْسِينَ وَقِيمَةُ الشَّاةِ عَشْرَةً فَنَقُولُ: لَوْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ بِنْتَ الْمَخَاضِ لَكَانَ يَجِبُ فِيهَا شَاةٌ تُسَاوِي عَشْرَةً، وَذَلِكَ بِمَعْنَى خُمُسِ قِيمَةِ بِنْتِ الْمَخَاضِ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ أَفْضَلِهِنَّ، فَإِنْ كَانَتْ عِشْرِينَ يَجِبُ فِيهَا شَاةٌ تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ لِيَكُونَ بِمَعْنَى خُمُسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute