تَبَعًا لِلْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَيَكُونُ هَذَا تَعْلِيقَ الْتِزَامِ الْمَالِ بِمَحْضِ الشَّرْطِ وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِإِنْسَانٍ آخَرَ فَالْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ تَوَابِعِ الْكَفَالَةِ الْأُولَى فَيَكُونُ تَعْلِيقًا لِالْتِزَامِ التَّسْلِيمِ بِمَحْضِ الشَّرْطِ وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَالَ: كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَمَا لِفُلَانٍ عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفٌ عَلَيَّ؛ فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْآخَرُ فَالْكَفَالَةُ الْأُولَى جَائِزَةٌ وَالنِّيَابَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ مَا كَانَتْ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَالِ فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ تَبَعًا لِلْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ.
وَلَوْ قَالَ كَفَلْت لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ بِمَالِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِنَفْسِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ كُلُّهُ لِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَوْ قَالَ: كَفَلْت لَك بِأَحَدِ غَرِيمَيْك هَذَيْنِ أَوْ بِأَحَدِ مَالَيْك عَلَى هَذَيْنِ كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْمُطَالَبَةُ تَتَوَجَّهُ مِنْ جِهَتِهِ وَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ مَا الْتَزَمَهُ الْكَفِيلُ إلَيْهِ. وَإِذَا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ فَرَهَنَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا بِهِ وَفَاءً فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ بِنَفْسِ الْكَفَالَةِ كَمَا وَجَبَ الْمَالُ لِلطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيلِ؛ وَجَبَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَالرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ صَحِيحٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْكَفِيلِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقِيقَةً حَتَّى إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الْمَالَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ، وَإِنْ أَدَّاهُ الْأَصِيلُ إلَى الطَّالِبِ رَجَعَ عَلَى الْكَفِيلِ بِمِثْلِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ مِنْهُ حَقِيقَةً.
وَلَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِأَمْرِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهَا هَذَا الْعَبْدَ رَهْنًا فَوَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِهَذَا بِغَيْرِ شَرْطٍ مِنْ الْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ ثُمَّ إنْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَبَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ رَهْنًا؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يَقْبِضْهُ وَالرَّهْنُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلَا يُجْبَرُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَلَى دَفْعِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَعْدًا مِنْ جِهَتِهِ وَالْمَوَاعِيدُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا اللُّزُومُ وَالْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ لِلْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ لِلطَّالِبِ بِالْكَفَالَةِ الْمُطْلَقَةِ عِنْدَ شَرْطٍ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ اشْتَرَطَ عَلَى الطَّالِبِ فَقَالَ لَهُ: أَكْفُلُ لَك بِهَذَا الْمَالِ عَنْ فُلَانٍ عَلَى إنْ رَهَنَ بِهِ فُلَانٌ هَذَا الْعَبْدَ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَيَّ؛ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ فَكَفَلَ لَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الرَّهْنَ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِالْتِزَامِ الْمَالِ بِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ وَالْتِزَامُ الْمَالِ بِالْكَفَالَةِ يَعْتَمِدُ تَمَامَ الرِّضَا وَلِأَنَّهُ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ إذَا لَمْ يُعْطِهِ الرَّهْنَ وَالشَّرْطُ أَمْلَكُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِالْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِذَلِكَ الْمَطْلُوبِ كَفِيلًا فَوَقَعَتْ الْكَفَالَةُ لِلطَّالِبِ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ إنْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَبَى أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلَ كَفِيلًا فَإِنَّ الْكَفَالَةَ عَلَى الْكَفِيلِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ شَرَطَ عَلَى الطَّالِبِ: إنْ لَمْ يُعْطِ كَفِيلًا بِهَذَا الْمَالِ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ كَفَالَتِي فَهُوَ عَلَيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute