للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَنْ يَخْدُمَ هَذَا الْعَبْدُ أَحَدَهُمَا وَالْعَبْدُ الْآخَرَ فَذَلِكَ جَائِزٌ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ قِسْمَةَ الْجَبْرِ فِي الرَّقِيقِ تَجْرِي فَكَذَلِكَ فِي خِدْمَةِ الرَّقِيقِ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الرَّقِيقِ لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْجَبْرِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْمُعَادَلَةِ فِي الْمَالِيَّةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ بِمَعَانٍ بَاطِنَةٍ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهَا وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْمُهَايَأَةُ فِي خِدْمَةِ الْعَبْدَيْنِ وَالْمُهَايَأَةُ فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ

وَلَوْ تَهَايَآ عَلَى الْغَلَّةِ فِي الْعَبْدَيْنِ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْغَلَّةِ بِالِاتِّفَاقِ فَهُمَا يَقُولَانِ مَعْنَى الْقِسْمَةِ وَالتَّمْيِيزِ يَتَرَجَّحُ فِي غَلَّةِ الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِلُ إلَى نَصِيبِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَصِلُ إلَى صَاحِبِهِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُهَايَأَةِ فِي الْخِدْمَةِ وَفِي غَلَّةِ الدَّارَيْنِ فَأَمَّا فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ فَمَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ يَغْلِبُ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ أَحَدُهُمَا إلَى الْغَلَّةِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْآخَرُ إلَيْهِ وَفِيهِ مَعْنَى الْخَطَرِ وَرُبَّمَا يَمْرَضُ الْعَبْدُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فَيَعْجَزُ عَنْ الْخِدْمَةِ وَرُبَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْخِدْمَةِ بِدَعْوَى الْحُرِّيَّةِ وَمَعْنَى الْخَطَرِ فِي الْمُعَاوَضَةِ مُبْطِلٌ لَهُ وَبِهِ فَارَقَ غَلَّةَ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ هُنَاكَ الْغَلَّةُ تُسَلَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَوْبَتِهِ وَالْغَالِبُ هُوَ السَّلَامَةُ تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِي الْغَلَّةِ مِنْ وَجْهٍ كَالْمُهَايَأَةِ فِي الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَمِنْ وَجْهٍ كَالْمُهَايَأَةِ فِي غَلَّةِ النَّخْلِ؛ لِأَنَّ مَا يُسَلَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ عَيْنٌ فَلِشَبَهِهِ بِالْمُهَايَأَةِ فِي الْخِدْمَةِ جَوَّزْنَا ذَلِكَ فِي الْعَبْدَيْنِ لِتَرَجُّحِ مَعْنَى الْقِسْمَةِ فِيهَا وَلِشَبَهِهِ بِالْمُهَايَأَةِ فِي غَلَّةِ النَّخْلِ أَبْطَلْنَا ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

يَقُولُ: الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ الْمُهَايَأَةِ سَلَامَةُ سَبَبِ مِلْكِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَجُوزُ كَالْمُهَايَأَةِ فِي غَلَّةِ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَكَالْمُهَايَأَةِ فِي أَوْلَادِ الْغَنَمِ وَأَلْبَانِهَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ التَّهَايُؤَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ لَوْ كَانَ يَجُوزُ فِي الرَّقِيقِ لَكَانَ جَوَازُهُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمُعَادَلَةِ وَالتَّمْيِيزَ فِيهِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ فَأُولَى أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الْعَبْدَيْنِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَرُبَّمَا لَا يَنْقَادُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِنَفْسِهِ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْعَبْدِ وَقِيلَ هَذَا الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي قِسْمَةِ الرَّقِيقِ فَالْمَقْصُودُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَالِيَّةُ هُنَا فَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَرَى قِسْمَةَ الْجَبْرِ فِي الرَّقِيقِ وَهُمَا يَرَيَانِ قِسْمَةَ الْجَبْرِ فِي الرَّقِيقِ فَكَذَلِكَ فِي غَلَّةِ الرَّقِيقِ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي غَلَّةِ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَجْرِي فِيهِ بِخِلَافِ الْمُهَايَأَةِ لِلْخِدْمَةِ فَالْمَقْصُودُ هُنَاكَ الْمَنْفَعَةُ دُونَ الْمَالِيَّةِ فَجَازَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَالْعَبْدَيْنِ

وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَخَافَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>