وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقِصَاصُ، وَقَدْ صَارَ الْمَجْرُوحُ مُسْقِطًا لِحَقِّهِ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ إلَّا أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا فَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ لَا يُسْتَطَاعُ فِيهَا الْقِصَاصُ أَوْ كَانَ ذَلِكَ خَطَأً فَأَرْشُ ذَلِكَ مَهْرُهَا فِي مَالِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ مَالٌ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا فَتَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا لِلزَّوْجِ فِي ذِمَّةِ الْجَارِحِ وَلَكِنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ، وَهُوَ الزَّوْجُ دُونَ الْجَارِحِ، وَإِنْ اشْتَرَطَتْ الْعَفْوَ عَنْ أَخِيهَا وَالْبَرَاءَةَ لَهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَخُوهَا بَرِيءٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَصِيرُ مَمْلُوكًا لَهَا بِالتَّسْمِيَةِ فَالْعَفْوُ عَنْ أَخِيهَا وَالْبَرَاءَةُ لَهُ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ لَهَا فِي شَيْءٍ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّهَا كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ، وَقَدْ بَرِئَ أَخُوهَا بِإِبْرَاءِ الْمَجْرُوحِ إيَّاهُ فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ اشْتَرَطَتْ أَنْ تَأْخُذَ لِنَفْسِهَا فَهُوَ جَائِزٌ، فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ مِنْ الْأَخِ، وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَالٌ يَمْلِكُهُ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ فَتَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَقَدْ شَرَطَتْ أَنْ تَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ الْجَارِحِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَجِبَ الصَّدَاقُ بِالنِّكَاحِ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَالتَّسْمِيَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ مِنْ الْأَخِ بِالشَّرْطِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ ذَلِكَ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَتْ بِنِصْفِ ذَلِكَ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَتْ؛ لِأَنَّ عِنْدَ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ يَتَنَصَّفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ شَجَّتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا مُوضِحَةً فَصَالَحَهَا عَلَى أَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الْجِنَايَةِ فَذَهَبَتْ عَيْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ فَذَلِكَ كُلُّهُ مَهْرُهَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْأَرْشُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اسْم الْجِنَايَةِ يَعُمُّ أَصْلَ الْفِعْلِ وَالسِّرَايَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ مَهْرًا لَهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَصَّفَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أَرْشِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا فَفِي مَالِهَا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهَا.
وَإِذَا جَرَحَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ عَمْدًا فَصَالَحَتْهُ عَلَى أَنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِذَلِكَ الْجُرْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ بَرِأَتْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا سَمَّتْ فِي الْخُلْعِ مَا هُوَ حَقُّهَا، وَإِنْ مَاتَتْ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَيْهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا سَمَّتْ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ لَهَا، فَلَا تَصِيرُ هِيَ مُسْقِطَةً بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ شَيْئًا عَنْ الزَّوْجِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ اسْتِحْسَانًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَهِيَ لَمْ تَغُرَّهُ فِي شَيْءٍ فَهُوَ وَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ سَوَاءٌ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.
وَإِنْ طَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ طَلْقَةً، ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِمَا قُلْنَا، وَهُوَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute