للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَكُونَ نَهْرًا صَغِيرًا لِقَوْمٍ مَعْرُوفِينَ، فَهُوَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِمْ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ التَّدْبِيرَ فِي كَرْيِهِ وَإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ إلَيْهِمْ وَهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالِانْتِفَاعِ بِمَائِهِ سَقْيًا لِأَرَاضِيِهِمْ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ، وَالصَّغِيرِ مَا بَيَّنَّا فِي الشُّفْعَةِ، فَهُوَ نَهْرٌ عَظِيمٌ مِثْلُ الْفُرَاتِ وَجَيْحُونَ، فَإِنْ كَانَ إلَى جَانِبِ الشَّاطِئِ مَحْبِسًا، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَيْهِ، وَالْأَرَضِينَ، فَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ إلَى جَانِبِ الشَّاطِئِ كَالْمُلْقَى عَلَى الشَّاطِئِ وَاَلَّذِينَ هُمْ بِقُرْبِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَخَصُّ بِالتَّدْبِيرِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْقُونَ الْمَاءَ مِنْهُ وَيَسُوقُونَ دَوَابَّهُمْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِلسَّقْيِ، وَإِذَا كَانُوا بِالْقُرْبِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ صَوْتَ مَنْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَإِنْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ هَكَذَا فَسَّرَهُ الْكَرْخِيُّ.

وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلًا فِي فَلَاةٍ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ، فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَعْلَى صَوْتِهِ أَهْلَ الْعُمْرَانِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَهُوَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ صَوْتُهُ مِنْ الْعُمْرَانِ وَهُمْ أَحَقُّ بِالتَّدْبِيرِ فِيهِ لِرَعْيِ مَوَاشِيهِمْ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْنِيَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ فَأَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوَاتِ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ، وَإِنْ وُجِدَ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَسْجِدِ جَمَاعَتِهِمْ، فَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَالْمُرَادُ سُوقُ الْعَامَّةِ، وَالْمَسْجِدُ الْجَامِعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ فِي التَّدْبِيرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَالْقِيَامِ بِحِفْظِهِ سَوَاءٌ وَمَا يَجِبُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ يُؤَدَّى مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ؛ لِأَنَّ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مُعَدٌّ لِذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهِ قَسَامَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقَسَامَةِ نَفْيُ تُهْمَةِ الْقَتْلِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي سُوقٍ خَاصٍّ لِأَهْلِ صَنْعَةٍ يُنْسَبُ ذَلِكَ السُّوقُ إلَيْهِمْ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ، فَهُوَ عَلَى أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالتَّدْبِيرِ فِيهَا مِنْ حَيْثُ فَتْحُ الْبَابِ وَإِغْلَاقُهُ وَنَصْبُ الْمُؤَذِّنِ. وَالْإِمَامُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ فِي مَحَلَّتِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ رَجُلٍ خَاصٍّ يَمْلِكُهَا فِي السُّوقِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِتَدْبِيرِ مِلْكِهِ وَبِالْأَمْرِ بِحِفْظِ مِلْكِهِ لِكَيْ لَا يَقَعَ فِيهِ مِثْلُ هَذِهِ الْحَادِثَةِ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ فِي السُّوقِ أَوْ فِي الْمَحَلَّةِ.

، وَإِذَا جُرِحَ الرَّجُلُ فِي مَحَلَّةٍ، أَوْ أَصَابَهُ حَجَرٌ لَا يَدْرِي مَنْ رَمَاهُ فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى أَهْلِ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا يَجِيءُ وَيَذْهَبُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>