للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّكْرَارَ كَالْمَسِّ وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ الْمُؤَاخَذَةُ بِالْمَأْثَمِ إذَا تَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَإِنْ جَامَعَهَا مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْإِمْسَاكِ تَشَبُّهًا بِالصَّائِمِينَ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَالْكَفَّارَةُ إمَّا وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَقَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِ: الْقَضَاءُ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ حُكْمَ الْكَفَّارَةِ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْقَضَاءِ، وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُظَاهِرِ سِوَى الْكَفَّارَةِ».

(وَلَنَا) أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بِشُهُودِ الشَّهْرِ وَقَدْ انْعَدَمَ الْأَدَاءُ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعْذُورًا وَفَوَّتَ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْأَدَاءِ فَيَضْمَنُهُ بِمِثْلِ مَنْ عِنْدَهُ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ بِسَبَبِ الْفِطْرِ، وَبِهِ نَقُولُ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ لَيْسَ بِسَبَبِ الْفِطْرِ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ لِلْأَعْرَابِيِّ مَا كَانَ مُشْكِلًا عَلَيْهِ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ غَيْرُ مُشْكِلٍ فَأَمَّا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَى الْمُفْطِرِ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ فِي آخِرِ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ «كُلْهَا أَنْتَ وَعِيَالُك» فَانْتَسَخَ بِهَذَا حُكْمُ الْكَفَّارَةِ.

(وَلَنَا) قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ» وَحَدِيثُ «الْأَعْرَابِيِّ حِينَ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهُوَ يَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَقُولُ: هَلَكْت وَأَهْلَكْت، فَقَالَ: مَاذَا صَنَعْت فَقَالَ: وَاقَعْت أَهْلِي فِي رَمَضَانَ نَهَارًا مُتَعَمِّدًا فَقَالَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَفْحَةِ عُنُقِهِ، وَقَالَ: لَا أَمْلِكُ إلَّا رَقَبَتِي هَذِهِ فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَقَالَ: وَهَلْ أَتَيْت مَا أَتَيْت إلَّا مِنْ الصَّوْمِ فَقَالَ: أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَقَالَ: لَا أَجِدُ فَقَالَ: اجْلِسْ فَجَلَسَ فَأُتِيَ بِصَدَقَاتِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقَالَ: خُذْ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا فَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَقَالَ: عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ أَحْوَجَ إلَيْهَا مِنِّي وَمِنْ عِيَالِي وَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَحْوَجُ إلَيْهَا مِنِّي وَمِنْ عِيَالِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلْهَا أَنْتَ وَعِيَالُك» زَادَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «تُجْزِيك وَلَا تُجْزِي أَحَدًا بَعْدَك» فَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ انْتِسَاخُ الْكَفَّارَةِ وَلَكِنَّهُ عَذَرَهُ فِي التَّأْخِيرِ لِلْعُسْرَةِ ثُمَّ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَبَتَتْ عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ لِحَدِيثِ «سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي أَفْطَرْت فِي رَمَضَانَ فَقَالَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً، أَوْ صُمْ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا».

(وَلَنَا) مَا رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>