ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثَيْ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَأَجَازُوا فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِثْلِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَأْخُذُ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ لَمْ يُجِيزُوا كَانَ نَصِيبُهُ هَذَا الْمِقْدَارَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُمْ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ لِتَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ لَا الْإِضْرَارِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ نَصِيبَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ هَذَا؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ تَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ بِثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمِثْلِ بِسَهْمَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَعَرَفْنَا أَنَّ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا الْإِجَازَةَ فِي حَقِّهِ لَكَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ تِسْعَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثَيْنِ سِتَّةٌ وَلِصَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ ثَالِثٍ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ، وَالْإِجَازَةُ فِي قَوْلِهِ: خَيْرٌ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُجِيزُوا كَانَتْ الْفَرِيضَةُ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا: إنَّهُ يَقُولُ: الثُّلُثُ وَيُقَسَّمُ الثُّلُثَانِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ وَيُزَادُ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ فَيَصِيرُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَالْمَالُ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَبَعْدَ التَّضْعِيفِ يَكُونُ تِسْعَةً ثُمَّ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِ وَصِيَّتِهِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَصَاحِبُ النَّصِيبِ بِوَصِيَّتِهِ، وَذَلِكَ سَهْمَانِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْإِجَازَةِ مَنْفَعَةً لَهُمَا، وَلَوْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمًا، فَأَمَّا الْوَارِثُ مَا قَصَدَ بِالْإِجَازَةِ إلَّا تَوْفِيرَ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِضْرَارُ مُضَافًا إلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ.
وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَالَةِ الْإِجَازَةِ مَذْهَبُهُ كَمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا: ثُلُثَاهُ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْمَالَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَإِنَّا نَقُولُ: الثُّلُثُ وَنَجْعَلُ الْبَاقِيَ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ وَصِيَّةَ صَاحِبِ الْمِثْلِ سَهْمٌ، ثُمَّ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ يَضْرِبُ بِسَهْمَيْنِ فِي الثُّلُثِ وَصَاحِبُ الْمِثْلِ يَضْرِبُ بِسَهْمٍ، فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ الثَّالِثِ لَوْ كَانَ فِيهِ رُبْعُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ، وَمِثْلَ نَصِيبِ الثَّالِثِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّالِثِ سَهْمًا فَيَكُونُ أَرْبَعَةً، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ رُبْعُ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ الْخَامِسِ، ثُمَّ الْبَاقِي، وَهُوَ الْخَمْسَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا سَهْمَيْنِ وَنِصْفًا مِثْلَ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، فَإِذَا زِدْت عَلَى خَمْسَةٍ مَرَّةً سَهْمًا وَمَرَّةً سَهْمَيْنِ وَنِصْفًا فَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا تُضَعِّفُهُ فَيَكُونُ سَبْعَةَ عَشَرَ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ سَهْمٌ أُضَعِّفُهُ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمَانِ، وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا نِصْفًا سَهْمَيْنِ وَنِصْفًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute