كَانَ لَهُ ثَدْيَانِ مِثْلُ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ أَوْ رَأَى حَيْضًا كَمَا تَرَى النِّسَاءُ أَوْ كَانَ يُجَامَعُ؟ كَالْمَرْأَةِ أَوْ ظَهَرَ بِهِ حَبَلٌ أَوْ نَزَلَ فِي ثَدْيَيْهِ لَبَنٌ فَهُوَ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عَلَامَاتِ الْفَصْلِ لِلْبُلُوغِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ بَعْضُهَا عِنْدَ بُلُوغِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو إذَا بَلَغَ عَنْ هَذِهِ الْمَعَالِمِ. قُلْنَا لَا يَبْقَى الْإِشْكَالُ فِيهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي صِغَرِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ وَقَدْ بَيَّنَّا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي مِيرَاثِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ فِيمَا سَبَقَ.
وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ وَقَدْ رَاهَقَ لَمْ يَغْسِلْهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَكِنْ يُيَمَّمُ الصَّعِيدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْعَوْرَةِ حَرَامٌ وَبِالْمَوْتِ لَا تَنْكَشِفُ هَذِهِ الْحُرْمَةُ إلَّا أَنَّ نَظَرَ هَذَا الْجِنْسِ أَخَفُّ فَلِأَجْلِ الضَّرُورَةِ أُبِيحَ النَّظَرُ لِلْجِنْسِ عِنْدَ الْغُسْلِ، وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ فِي وُجُوبِ سَتْرِ عَوْرَتِهِ، فَإِذَا كَانَ هُوَ مُشْكِلًا لَا يُوجَدُ لَهُ جِنْسٌ أَوْ لَا يُعْرَفُ جِنْسُهُ أَنَّهُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ مِنْ النِّسَاءِ فَيُعْذَرُ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِ مَنْ يُغَسِّلُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ لِانْعِدَامِ مَا يُغْسَلُ بِهِ فَيُيَمَّمُ الصَّعِيدَ، وَهُوَ نَظِيرُ امْرَأَةٍ تَمُوتُ بَيْنَ رِجَالٍ لَيْسَ مَعَهُمْ امْرَأَةٌ فَإِنَّهَا تُتَيَمَّمُ الصَّعِيدَ فَهَذَا مِثْلُهُ، فَإِنْ كَانَ مَنْ يُيَمِّمُهُ مِنْ النِّسَاءِ يَمَّمَتْهُ بِغَيْرِ خِرْقَةٍ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ الرِّجَالِ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ يَمَّمَهُ بِخِرْقَةٍ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهِ وَيُعْرِضُ بِوَجْهِهِ عَنْ ذِرَاعَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً، وَفِي هَذَا أَخْذٌ بِالِاحْتِيَاطِ فِيمَا بُنِيَ أَمْرُهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَهُوَ السِّنُّ وَالنَّظَرُ إلَى الْعَوْرَةِ.
وَإِنْ سَجَّى دُبُرَهُ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ احْتِيَاطٍ فَلَعَلَّهُ امْرَأَةٌ وَمَبْنَى حَالِهَا عَلَى السِّتْرِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَجِّيَ دُبُرَ الرَّجُلِ عِنْدَ الْعُذْرِ كَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَطَرِ، وَاشْتِبَاهُ حَالِهِ فِي الْعُذْرِ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى السَّرِيرِ مَقْلُوبًا فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُحْمَلُ عَلَى السَّرِيرِ مُسْتَوِيًا بِغَيْرِ نَعْشٍ وَالْمَرْأَةُ تَحْتَ نَعْشٍ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى السَّرِيرِ بِغَيْرِ نَعْشٍ وَهُوَ امْرَأَةٌ كَانَ فِيهِ تَشْبِيهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَإِنْ جُعِلَ عَلَى سَرِيرِهِ النَّعْشُ كَانَ فِيهِ تَشْبِيهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ إذَا كَانَ رَجُلًا فَأَوْلَى الْوَجْهَيْنِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى سَرِيرِهِ مَقْلُوبًا، وَإِنْ جُعِلَ عَلَى السَّرِيرِ النَّعْشُ فِيهِ الْمَرْأَةُ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى السِّتْرِ وَالسِّتْرُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْأَمْرِ، وَيُدْخِلُهُ قَبْرَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: ٧٥] وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ أُنْثَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُرْمِسَهُ مَنْ هُوَ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُرْمِسَهُ مَحْرَمُهُ عِنْدَ الْإِدْخَالِ فِي قَبْرِهِ فَكَانَ هَذَا أَحْوَطَ الْوَجْهَيْنِ، وَيُكَفَّنُ كَمَا تُكَفَّنُ الْجَارِيَةُ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى السَّتْرِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ جَائِزَةٌ، وَاشْتِبَاهُ أَمْرِهِ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْعُذْرِ فَلِهَذَا يُكَفَّنُ كَمَا تُكَفَّنُ الْجَارِيَةُ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ يُؤْمَرُ بِالسِّتْرِ وَيُنْهَى عَنْ الْكَشْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute