إلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهَا زَوَّجْت نَفْسِي عَقْدًا تَامًّا، وَفِي بَابِ الْبَيْعِ كَلَامُ الْوَاحِدِ لَا يَصْلُحُ لِإِتْمَامِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَكَانَ قَوْلُهُ بِعْت مِنْك شَطْرُ الْعَقْدِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الشَّطْرُ الثَّانِي لِيَصِحَّ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: مُرَادُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ فِي شَرْطِ الشُّهُودِ دُونَ اللَّفْظِ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ أَوْ نَقُولُ بِعْنِي قَوْلُهُ مِنْ الْحَاضِرِ يَكُونُ اسْتِيَامًا عَادَةً فَأَمَّا مِنْ الْغَائِبِ إذَا كَتَبَ إلَيْهِ فَقَوْلُهُ بِعْنِي يَكُونُ أَحَدَ شَطْرَيْ الْعَقْدِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الثَّانِي تَمَّ الْبَيْعُ فَإِنْ جَاءَ الزَّوْجُ بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا إلَى الشُّهُودِ، وَقَالَ: هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانَةَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يَعْلَمَ الشُّهُودُ مَا فِي الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَجُوزُ، وَلَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الشُّهُودِ بِمَا فِي الْكِتَابِ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ وَالْخَتْمُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ الشُّهُودُ مَا فِي الْكِتَابِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ مَا فِي الْكِتَابِ لَا نَفْسُ الْكِتَابِ، وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: قَدْ يَشْتَمِلُ الْكِتَابُ عَلَى شَرْطٍ لَا يُعْجِبُهُمْ إعْلَامُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ مَخْتُومًا يُؤْمَنُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِيهِ فَيَكُونُ صَحِيحًا ثُمَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ قَالَ: يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَخْتُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَخْتُومٍ، وَذَكَرَ فِي الْأَمَالِي أَنَّ الْكِتَابَ إذَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُومٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَصْلًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الشُّهُودُ مَا فِيهِ، وَإِذَا كَانَ مَخْتُومًا فَحِينَئِذٍ هَلْ يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الشُّهُودِ مَا فِيهِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَكَمَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْكِتَابِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِلْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا.
(قَالَ): وَيَجُوزُ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْعَقْدِ عِنْدَ الشُّهُودِ عَلَى الِاثْنَيْنِ إذَا كَانَ وَلِيًّا لَهُمَا أَوْ وَكِيلًا عَنْهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ وَلِيَّهُمَا جَازَ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا لَا يَجُوزُ أَمَّا زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: النِّكَاحُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُبَاشِرُهُ الْوَاحِدُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَعَقْدِ الْبَيْعِ، وَهُوَ قِيَاسٌ يُوَافِقُهُ الْأَثَرُ، وَهُوَ مَا رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يَحْضُرْهُ أَرْبَعَةٌ فَهُوَ سِفَاحٌ خَاطِبٌ وَوَلِيٌّ وَشَاهِدَا عَدْلٍ» وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَحْوِهِ يَسْتَدِلُّ فِي الْوَكِيلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِعِبَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي تَوْكِيلِ الْوَاحِدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ وَلِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي تَنْفِيذِ الْعَقْدِ بِعِبَارَتِهِ ضَرُورَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute