عَنْهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا خَمْسَةٌ، وَفِي الْقِيَاسِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا، وَالْمُتْعَةُ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ سَمَّى مَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا لَهَا شَرْعًا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَمَّى لَهَا خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا وَلِلِاسْتِحْسَانِ وَجْهَانِ.
(أَحَدُهُمَا): أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي كَوْنِهَا صَدَاقًا لَا تَتَجَزَّأُ وَذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ نِصْفَهَا صَحَّ النِّكَاحُ فِي الْكُلِّ جَمِيعًا.
(الثَّانِي): أَنَّ الْإِمْهَارَ إلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ حَقُّ الشَّرْعِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَقُّهَا فَإِذَا رَضِيَتْ بِالْخَمْسَةِ فَقَدْ أَسْقَطَتْ مَا هُوَ حَقُّهَا، وَبَعْضَ مَا هُوَ حَقُّ الشَّرْعِ فَيَعْمَلُ إسْقَاطُهَا فِيمَا هُوَ حَقُّهَا، وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَلَا يَعْمَلُ فِي حَقِّ الشَّرْعِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى ثَوْبٍ يُسَاوِي خَمْسَةً فَلَهَا الثَّوْبُ وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الثَّوْبِ وَدِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ، وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الثَّوْبِ يَوْمَ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ سَمَّى لَهَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمَهْرِ وَاعْتِبَارَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الثَّوْبِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا صَحِيحًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَالثَّوْبُ لَا يَثْبُتُ ثُبُوتًا صَحِيحًا بَلْ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِيمَةِ فَلِهَذَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْقَبْضِ.
(قَالَ:) وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ} [البقرة: ٢٣٦] إلَى قَوْلِهِ {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦]، وَأَدْنَى الْمُتْعَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ، وَمِلْحَفَةٌ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ الْمُتْعَةَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُصَلِّي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَتَخْرُجُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ عَادَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ مُتْعَةً لَهَا تَذْكِرَةً مِنْ الزَّوْجِ إذَا فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمُتْعَةُ شَيْءٌ نَفِيسٌ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ خَادِمٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتْعَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا الْمُتْعَةُ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: النِّكَاحُ الَّذِي فِيهِ تَسْمِيَةٌ فِي حُكْمِ الصَّدَاقِ أَقْوَى مِمَّا لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْعَقْدِ الَّذِي فِيهِ التَّسْمِيَةُ لَا يَجِبُ لَهَا بِالطَّلَاقِ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ مَا كَانَ وَاجِبًا قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ الَّذِي لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ قَبْلَ الطَّلَاقِ مَهْرَ الْمِثْلِ فَلَا تُزَادُ الْمُتْعَةُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَالْوَاجِبُ هُوَ الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَعِنْدَ الْمُسَاوَاةِ تَتَرَجَّحُ الْمُتْعَةُ
(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ أَوْ عَلَى مَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute