بَطْنِ أَغْنَامِهِ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ كَوْنُ الْمُسَمَّى مَالًا، وَمَا فِي الْبَطْنِ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ بِغَرَضِ أَنْ يَصِيرَ مَالًا بِالِانْفِصَالِ، وَأَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْخُلْعِ يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ فَالْعِوَضُ الْآخَرُ كَذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ فَإِذَا سَمَّى مَا فِي الْبَطْنِ فَكَأَنَّهُ أَضَافَ التَّسْمِيَةَ إلَى مَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ، وَفِي النِّكَاحِ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ لَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ فَالْعِوَضُ الْآخَرُ كَذَلِكَ، وَالْمُسَمَّى فِي الْحَالِ لَيْسَ بِمَالٍ فَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا تَحْمِلُ نَخْلَةٌ أَوْ تُخْرِجُ أَرْضُهُ الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا يَكْتَسِبُ غُلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَعْدُومٌ، وَتَأْثِيرُ الْعَدَمِ أَبْلَغُ مِنْ تَأْثِيرِ الْجَهَالَةِ فَإِذَا كَانَ لَا يَصِحُّ تَسْمِيَةُ مَجْهُولِ الْجِنْسِ كَالثَّوْبِ، وَالدَّابَّةِ فَتَسْمِيَةُ الْمَعْدُومِ أَوْلَى أَنْ لَا تَصِحَّ.
(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَوَجَدَتْهُ حُرًّا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَوَّلُ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ قِيمَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذِهِ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ فَإِذَا هِيَ مَيْتَةٌ أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَهَا مِثْلُ ذَلِكَ الدَّنِّ مِنْ خَلٍّ وَسَطٍ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: سَمَّى لَهَا فِي الْعَقْدِ مَالًا، وَهُوَ الْعَبْدُ، وَالذَّكِيَّةُ، وَالْخَلُّ فَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ ثُمَّ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمُسَمَّى بِمَا ظَهَرَ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِيمَا لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَالْمِثْلُ فِيمَا هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمُسَمَّى بِالْهَلَاكِ فِي يَدِ الزَّوْجِ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ حِينَ ظَهَرَ حُرًّا فَقَدْ اسْتَحَقَّ نَفْسَهُ فَيُجْعَلُ كَاسْتِحْقَاقِ الْغَيْرِ إيَّاهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ كَانَ لَهَا قِيمَتُهُ فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَحَقَّ نَفْسَهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا الْأَصْلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ، وَالتَّسْمِيَةَ إذَا اجْتَمَعَتَا فَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى، فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى، وَالْمُسَمَّى مَعْدُومٌ، وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ، وَلَوْ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتٌ أَصْفَرُ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّهَا تَقْطَعُ الشَّرِكَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: الْحُرُّ وَالْعَبْدُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَإِنَّ الْآدَمِيَّ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ حُرٌّ ثُمَّ يَتَعَرَّضُ الرِّقُّ فِيهِ، وَالْإِعْتَاقُ إتْلَافٌ لِذَلِكَ الرِّقِّ الْعَارِضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute