للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: المعنى في هذه الآية: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ على أمتك بتبليغ الرسالة، ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ بالجنة لمن أطاعك، ﴿وَنَذِيرًا﴾ بالنار لمن عصاك، ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ﴾.

الثانية: فيه ثلاثة أقوال:

الأوَّل: داعيًا إلى شهادة أن لا إله إلا الله، قاله ابن عباس.

الثاني: داعيًا إلى القرآن؛ الذي هو الحق والفصل المُبِينُ.

الثالث: داعيًا إلى جميع الطاعات.

الثالثة: قوله تعالى: ﴿بِإِذْنِهِ﴾، أي: بأمره، لقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ [المدثر: ١ - ٣]، أي: عَظِّمْهُ وقَدِّسْهُ، فهو النذير وهو البشير؛ لقوله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥]، وحقيقة البشارة: هي إدخال السرور في القلب.

وسمَّاه نذيرًا، وأمره بالنذارة، فقال الله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ [مريم: ٣٩]، وقال: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ﴾ [الأنعام: ٥١]، وبلغنا أن الله تعالى أوحى إلى داود : "يا داود؛ بَشِّرِ المذنبين، وأَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ إذا عجبوا بأعمالهم".

وكما سمَّاه بشيرًا ونذيرًا فكذلك سمَّى جميع الأنبياء بهذا الاسم؛ فقال تعالى: ﴿مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [النساء: ١٦٥].

وأمَّا قوله تعالى: ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ﴾، فأخبر أنه في الدنيا دَاعٍ عباد الله إلى الله بإذن الله، وفي الآخرة يشفع لعباد الله إلى الله بإذن الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>