للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال العلماء: "ذلك عند الإحساس بالموت".

فإن قيل: فقد ثبت في الصحيح: أن الله قال: "إن رحمتي تغلب غضبي" (١)، وفي لفظ آخر: "إنَّ رحمتي سبقت غضبي" (٢)، فاقتضى هذا غَلَبَةَ الرجاء.

قلنا: لا شكَّ أن الرحمة أضعاف الغضب، وهي غالبتُه، ولكن بَعْثُ النار من كل ألف تِسْعُ مائة وتسعةٌ وتسعون للنار، وواحدٌ للجنة (٣).

فيا معشر المريدين: ليَرْجعْ كلُّ واحد منكم إلى نفسه فينظر في مَآلِه من حاله، حتى يرى أن الخوف عليه أغلبُ للتقصير الكثير، إنَّما يكون الرجاء أغلب لأصحاب مُحَمَّدٍ ، والسَّلَفِ الأوَّل الكريم.

قال الإمام الحافظ (٤) : أَمَا إِنَّ مِن أعظم أخبار الرجاء قولُه في الصحيح: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني" (٥)، بَيْدَ أن أكثر الناس لم يفهمه.

وحقيقتُه: أن العبد إذا أطاع الله وظنَّ به (٦) أنه لا يُضِيعُ أجر من أحسن عملًا فهو عند ظنه، وكذلك إذا دعاه وظنَّ أنه مُجِيبُه فهو عند ظنه به (٧)،


(١) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة من رواية المغيرة: كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله، رقم: (٢٧٥١ - عبد الباقي).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة من رواية ابن عُيَينة: كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله، رقم: (٢٧٥١ - عبد الباقي).
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) في (ب): قال ابن العربي، وفي (ك): قال أبي.
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) سقطت من (ك).
(٧) سقط من (ك).