للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا استجار به وظنَّ أنه يُجِيرُه فهو عند ظنه، وإذا عصاه وظنَّ أنه يغفر له فهو مغرور، وكذلك إذا دعاه ومَطْعَمُه حرام، ومشربُه حرام، وملبسُه حرام، فأنَّى يُستجاب له (١)؛ كما جاء في الحديث الصحيح.

فإذا ظنَّ الإجابة فهو مغرور، وكذلك إذا استجار به وهو يَهْتِكُ حريمه، فكيف يرجو إجارته؟

بَيْدَ أنه ينبغي له أن يقول: "يا من بيده ملكوت كل شيء، وهو يُجير ولا يُجار عليه، استجرت بك من شَرِّ نفسي، وشر كمل دابة رَبِّي (٢) آخذٌ بناصيتها، فأَجِرْنِي"، فربَّما أُجِيبَ (٣)، والله أعلم.

ومن أغرب ما حَصَّلْتُ في رحلتي ما أخبرني به القاضي أبو الحسن علي بن الحُسَين الخِلَعِي الزاهد (٤)، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج يحيى الإشبيلي (٥) - مُحَدِّثٌ مكثر -، قال: أخبرنا أبو


(١) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، رقم: (١٠١٥ - عبد الباقي).
(٢) في (د): ربي، أنت.
(٣) في (د): أجير، ومرَّضه.
(٤) الإمام الفقيه، الحافظ الحُجَّة، علي بن الحسَين الخِلَعِي، أبو الحسن القَرَافي، (٤٠٥ - ٤٩٢ هـ)، كان معتزلًا بالقرافة، وكان مقصد الناس لعُلُوِّ إسناده وروايته، قال فيه ابنُ العربي: "شيح معتزل في القرافة، له عُلُوٌّ في الرواية، وعنده فوائد"، أخذ عنه من أهل الأندلس أبو علي بن سُكَّرَة، وأبو عبد الله بن فَتُّوح، وكان ابنُ العربي ربَّما يقرأ في حضرته ما يريد الخِلَعِي إسماعه، ينظر: معجم السَّفَر: (ص ٣٨١)، وسير النبلاء: (١٩/ ٧٤ - ٧٩)، وطبقات الشُّافعية للتَّاج: (٥/ ٢٥٣ - ٢٥٥).
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): أحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى يعني الإشبيلي، وضرب في (د) على "بن" و"يعني".