للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه: أن رجلًا لقيه في الطريق فقال له: "أين تريد؟ قال: أريد فلانًا أزوره، قال: أَبَيْنَكَ وبينه رَحِمٌ تصلها أو نعمة تَرُبُّها؟ قال: لا، قال: فمَهْ؟ قال: أحبه في الله، قال: فإني رسول ربك إليك أنه يُحِبُّك بحُبِّك إيَّاه" (١).

ومن الأمثال الغرَّارة قولهم: "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا" (٢)، ولم يَزَلْ بَعْدُ (٣) حتَّى رفعوه إلى النبي ، وهو منه بريءٌ.

وقد أنشدني أبو القاسم عبد العزيز (٤) بن قيس (٥) بثَغْرِ عسقلان للقاضي أبي بكر بن حسَّان العسقلاني:

زُرْ من يحبك كلَّ يوم لا تكن … ممَّن يُغِبُّ زيارة الأحبابِ

ودَع القليل من الجفاء فإنه … فيما حَكَوا يُنْمِي نماءَ خِضَابِ

لو صحَّ ما بين الخليل وخِلِّه … لاستعملا ما جاء (٦) في الإِغْبَابِ

وإذا تهاون بالزيارة صاحبٌ … هانت مودَّته على الأصحابِ (٧)


(١) هو حديث أبي هريرة السَّابق.
(٢) الأمثال لأبي عُبَيد: (ص ١٤٨)، قال ابن حِبَّان (روضة العقلاء: ص ١١٦):
"رُوي عن النبي أخبارٌ كثيرة تُصَرِّحُ بنفي الإكثار من الزيارة، حيث يقول:
زُرْ غِبًّا تزدد حُبًّا، إلا أنه لا يصح منها خَبَرٌ من جهة النقل"، وقال ابن حجر (فتح الباري: ١٠/ ٤٩٨): "قد ورد من طُرُقٍ أكثرها غرائب، لا يخلو واحد منها من مقال".
(٣) قوله: "ولم يزل بعد" سقط من (ك) و (د).
(٤) لم أهتد إلى معرفته، ولم يذكره أَحَدٌ ممَّن اعتنى بتتبع مشيخة ابن العربي، فيُستدرَك عليهم.
(٥) في (ك): قريش.
(٦) في (ب): قيل.
(٧) من الكامل.