للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يميتك الله ثم يبعثك، قال: وإني لمَيِّتٌ ثم مبعوث؟ قلت: نعم، قال: فذرني حتى أموت ثم أبعث، فسوف أُوتَى مالًا وولدًا فأقضيك، فنزلت: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)﴾ الآيات" (١).

فاتخذه سُخْرِيًّا حين ذكر له البعث، وقال له: إني أُوتِيكَ في الدار التي تقول حقَّك من مالي هنالك من مَالٍ.

والكافرُ إنَّما قال ذلك الكلام لخبَّاب على معنى: أنه لو كان هنالك دارٌ (٢) أخرى لكنتُ فيها بالمال والولد كما أنا في هذه، ولم تكن أنت على شيء ممَّا تعتقد في نفسك فيها، ولا أنا على حال ممَّا تخَوِّفُنِي بها، فردَّ الله عليه دعواه استحقاق المالكية (٣) في الدار الآخرة، وقال: بأي شيء تذكر ذلك؛ باطِّلاع منك عليه، أو بعَهْدٍ نَفَذَ إليك من الله؟.

قال علماؤنا: وفي هذه الآية تَنْبِيهٌ على أن عَهْدَ الله عند عبده بغفران ذنوبه ومضاعفة حسناته ورَفع درجاته مُدْرَكٌ له ومُوَفَّى، فإنَّ الله لا يُخْلِفُ الميعاد بقوله هاهنا، أكان له عند الله عَهْدٌ فيقع الوفاء به له (٤)؟

وبهذا ضَلَّتِ المبتدعة، وهي (٥) مثال الضَّلال بالبدعة الموعود به؛ فإنَّ القدرية تقول: "إنه واجب على الله عقلًا مُسْتَحِقٌّ عليه قطعًا مُجَازَاةُ المحسن بالإحسان، لا يصحُّ فيه أن يقال: أنعم به، ولا تفضَّل"، وقد بيَّنَّا جَهْلَهم فيه


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التفسير، ﴿كهيعص﴾، رقم: (٤٧٣٢ - طوق).
(٢) في (د) و (ك) و (ب): دارًا.
(٣) في (ص): المِلْكِيَّة.
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٤١).
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): هو.