للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسخافاتهم في "كتب التوحيد"، ولو لم يكن من جهلهم إلَّا ما أوعبناه (١) في اسم "الشَّاكر"؛ من تَعْدِيدِ نِعَم الله التي واحدة منها تستغرق عمل العُمُرِ من العبد في فرض الشكر، وتبقى سائر النعم غير مقابلة بشُكْرٍ، فأين وجوب الجزاء على ما وقع من العبد من عمل؟ هل هذا إلا ضَلَالٌ مُضَلِّلٌّ ونَسْجٌ (٢) من الكلام مهلهل (٣)؟

وكما تحتاج الأعمال الصالحات إلى الكَيْسِ (٤)، كذلك تفتقر الأعمال المحظورة إلى مثلها عند تعارض البلاء فيها، فربَّما فات هنالك عِلْمُها.

روى النسائي عن عثمان قال: "اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممَّن خلي قبلكم متعبد، فعَلِقَتْهُ امرأة غَوِيَّةٌ، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت له: إنَّا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها، فطَفِقَتْ كلَّما دخل بابًا أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وَضِيَّةٍ، عندها غلام وبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فقالت له: إنِّي والله ما دعوتك للشهادة، ولكنِّي دعوتك لتقع عليَّ، أو تشرب من هذه الخمر كأسًا، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقني من هذه الخمر كأسًا، فسَقَتْهُ كأسًا، فقال: زيدوني، فلم يَزَلْ (٥) حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر، فإنها - والله - لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلَّا أوشك أن يُخرج أحدهما صاحبه" (٦)، وهذا حديث صحيح.


(١) في (ك) و (ص): أوعيناه.
(٢) في (ص): نسيج.
(٣) في (ص): مهلل، ومرَّضها، وفي الطرة: الظاهر: هلهل.
(٤) في (ص): الشكر.
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): يَرمْ.
(٦) أخرجه النسائي في السنن الكبرى: كتاب الأشربة، ذِكْرُ الآثام المتولدة عن شرب الخمر، رقم: (٥١٥٦ - شعيب).