للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمَّا لَقِيَ الرَّشيِدُ هارونُ بُهْلُولَ (١) المجنون، فجرى بينهما الحديث الطويل (٢) المسطور في كتاب "عُقَلاء المجانين"، فقال له: "لو اشتغلت بالعلم كان أفضل لك من التخلي للعبادة؟ قال (٣) له: وماذا فاتني منه؟ قال (٤) له هارون: فَاتَكَ أَفْضَلُه، قال له بهلول: وما هو؟ قال: الفرائض، قال له بهلول: فما (٥) يخفى عليَّ منها مسألة واحدة، قال له هارون: فما تقول في رَجُلٍ مات وترك زوجَه وبنته وأُمَّه وعَصَبَتَه؟ قال (٦) له (٧) بهلول: وهل تخفى هذه الفريضة على أَحَدٍ له قَلْبٌ! للأم الثُّكْلُ، وللبنت اليُتْم، وللزوجة خَرَابُ البيت، والباقي للعَصَبَةِ" (٨)، فهذا رَجُلٌ نَبَذَ الدنيا واستهلك نفسمه في الله تعالى.

وفي معناه أنشدُوا (٩):

أُحِبُّكْ ما إن دُمْتُ حيًّا (١٠) فإن أَمُتْ … يَوَدُّكَ عَظْمِي في التُّرَابِ رميمَا (١١)


(١) في (ك) و (د) و (ص): لبهلول.
(٢) سقط من (د).
(٣) في (د): فقال.
(٤) في (د): فقال.
(٥) في (د): وما.
(٦) في (د): فقال.
(٧) سقط من (ص).
(٨) عقلاء المجانين للحسن بن حبيب: (ص ١٦٠).
(٩) البيت من الطويل، وهو في لطائف الإشارات للقشيري: (١/ ١٥١)، وحلية الأولياء: (١٠/ ٣٧٠)، أنشده أبو بكر الشِّبْلِي، وفيها:
يحبك قلبي ما حييت فإن أمت … يحبك عظم في التراب رميم
(١٠) في (ص): ما دامت حياتي.
(١١) تأخَّر هذا البيت عن الذي يتلوه في (ب).