للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: فما نفاه ابنُ العربي من أحاديث خوف الأنبياء إنما كان نظرُه إلى ما ورد في "كُتُبِ الصوفية والمتزهدة" من روايات، وفيها ما يطعن في مرتبة الأنبياء، كحديث خوف رسول الله عيسى ومُحَمَّدٍ - حاشاهما - الكفر على نَفْسَيْهِما (١)، وقد علم أن الأنبياء معصومون من الذنوب الصغائر (٢)، فكيف الكبائر؟ فكيف الكفر؟ فهل أدرك الغماري غرض ابن العربي من دعوته وكلمته؟

الثالث: ما قاله ابن العربي في حديث: "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا"؛ هو الذي عليه العمل، وبه يقول النقاد، وأشار ابنُ العربي إلى أن بعضهم رفعه لأنه لم يصح عنده، وكل ما لم يصح عنده ينسبه إلى المَثَلِ، أو إلى الحكمة، خصوصًا إذا كان قد ورد في "كُتُبِ الأمثال"، وجرى على ألسنة الحكماء، ولكن الغماري يعارض ويعترض بما لا يُسَلَّمُ له.

الرابع: وما أورده الغماري من أسماء الحفَّاظ الذين صنَّفوا في طرقه هو كلام عام؛ لا يَدُلُّ على نقيض ما قاله ابنُ العربي، ولم يُنقل عن أولئك ما يفيد تصحيحهم للحديث، وإنَّما نقل عن المنذري تحسينه لبعض أسانيده، والتحسين غير التصحيح، وفَرْقٌ كبير بينهما.

وأمَّا ما جمعه الحافظ أبو نُعَيم في جزئه فغالبه منكر ووَاهٍ وشديد الضعف، كما يعلم ذلك من اطَّلع عليه.

وأمَّا ذكره للحارث بن أبي أسامة فغير مفيد في شيء، فابنُ العربي يروي "مسنده" بحق سماعه من أبي المطهَّر الأصفهاني، وقد تقدَّم ذكرنا


(١) ينظر: قوت القلوب: (٢/ ٦٢٢)، والإحياء: (ص ١٥٢٠).
(٢) ينظر: المتوسط في الاعتقاد - بتحقيقنا -: (ص ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>