للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يدري أكثر من غيره أن كثيرًا مما أُدرج في "كُتُبِ المتواتر" ممَّا لا يصح أن يكون كذلك، ولكن هذا الأمر لا يُبْدِيهِ إلا ساعة المخالفة لمن يقول به، وهو هكذا؛ يعارض بالذي يتهيَّأ له ويتفق، مرَّة يُشَرِّقُ، ومرَّة يُغَرِّبُ، تحقيقًا لشهوة المخالفة.

قال الغماري: "إن المتواتر في لسان الأقدمين كالطحاوي وابن حزم وابن عبد البر لا يريدون منه معناه الأصولي الاصطلاحي، وإنما يريدون منه تتابع الطرق وتواردها على معنى واحد، لأنهم يعبرون بذلك عمَّا له ثلاثة طرق وأربعة، وهو لا يفيد التواتر جزمًا، وذلك غَرَّ جماعة، ومنهم المؤلف؛ فأكثر في كتابه من الأحاديث المشتهرة وظنَّها متواترة، وكذلك شيخنا في نَظْمِ المتناثر، بل أورد فيه الضعيف وعدَّه متواترًا" (١).

فاسمع إذًا، واعجب لقوله، وما عابه على السيوطي والكتاني هو نفسه الذي وقع فيه هنا، حتى تتأكَّد أن هذا الرجل لا يسلك ما يسلكه أهل العلم في مباحثاتهم ومناقشاتهم، وإنما هو الاحتيال والاختيال.

الثالث: ولم يقف عند هذا الحد؛ حتى صار يُلْزِمُ ابن العربي بالقول به والذهاب إلى وجوبه، فقال: فأوجبوا التسمية في الوضوء، وذكر منهم: الإمام أحمد بن حنبل، ولم أقف على قوله بوجوب التسمية، فلعله خلط بينه وبين إسحاق بن راهويه، فهو الذي يقول بوجوب التسمية، وذكرها عنه أبو عيسى في "جامعه" (٢)، وذكرها - أيضًا - الإمام أبو بكر بن العربي في "شرح الترمذي" (٣).


(١) المداوي: (٣/ ٩٤).
(٢) الجامع الكبير: (١/ ٧٧ - بشار).
(٣) العارضة: (١/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>