للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحَلًّا، ولا رأينا لها أهلًا، فخَزَنَّاها فيما بيننا وبين ربنا، واذَّخرناها ذخيرة لمُوازنة ذَنْبِنَا" (١).

وقال باثًّا شكواه، ورافعًا نجواه: "صِرْتُ الآن غريبًا بين قومي، وقد كنتُ غريبًا بين الغرباء؛ رفيعًا، شهيرًا، موصولًا، مُمَدَّحًا، مقبولًا، وذلك لفساد النيات، وقلة الإنصاف، واعتقاد المنافسة، ونبذ التواضع للشرف، والعناد للحق" (٢).

وقد جرى له مع قومه ما ظهر فيه تَجَنِّيهم عليه، ومنها قصة روايته لحديث "المِغْفَرِ" (٣) من ثلاثة عشر طريقًا غير طريق الإمام مالك ، قال الحافظ ابنُ الجَدِّ: "حضر فقهاءُ إشبيلية؛ أبو بكر بن المُرَجَّى، وفلان، وفلان، وحضر معهم ابنُ العربي، فتذاكرُوا حديث المغفر، فقال ابنُ المرجى: لا يُعرف إلا من حديث مالك عن الزهري، فقال ابنُ العربي: قد رويتُه من ثلاثة عشر طريقًا غير طريق مالك، فقالوا: أفدنا هذا، فوعدهم، ولم يخرج لهم شيئًا" (٤).

قال الحافظ ابنُ حجر: "الذين اتَّهموا ابن العربي في ذلك هم الذين أخطأوا؛ لقلة اطلاعهم، وكأنه بخل عليهم بإخراج ذلك لما ظهر له من إنكارهم وتعنتهم، وقد تتبعتُ طرقه حتى وقفتُ على أكثر من العدد الذي ذكره ابن العربي" (٥).


(١) سراج المريدين: (٣/ ٣٠٥).
(٢) سراج المريدين: (٤/ ٤٢٥).
(٣) أخرجه الإمام مالك في الموطأ عن أنس بن مالك : كتاب الحج، جامع الحج، (١/ ٤٦٢)، رقم: (١٢٧٢ - المجلس العلمي الأعلى).
(٤) سيرالنبلاء: (٢٠/ ٢٠٢).
(٥) فتح الباري: (٤/ ٥٩ - ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>