للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام القاضي (١) أبو بكر بن العربي : وإذا تأمَّلت إلى الفضائل العربية (٢) رأيتَ أن العرب كانت تتباهى بقوة النكاح، وتَذُمُّ من ضَعُفَ فيه وقَصُرَ شَبْرُه، وقد قالت شاعرة العرب حين خطبها دُرَيْدُ بن الصِّمَّة (٣):

معاذ الله يَنْكِحُني حبَرْكَى … قصيرُ الشَّبْر من جُشَمِ بن بَكْرِ

والحبَرْكَى: هو المُتَنَاهِي في ضعف المُنَّةِ والمُوَهَّنُ (٤).

وكان عندها قلة الطُّعم وضعف المطعم والاجتزاء بالعُلْقَةِ محمودًا مُمَدَّحًا، وإذا كان متمجعًا أكولًا ذَمَّتْهُ.

وفي حديث أم (٥) زرع في صفة الابن: "مضجعه كمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وتُشْبِعُه ذِرَاعُ الجَفْرَةِ" (٦).

وكانت تَمْدَحُ بقِلَّةِ التلفت إلى ذلك والاهتبال به، ألا ترى إلى قول الأعشى (٧):


(١) في (ص) و (ز): الحافظ.
(٢) في (ص): الغريبة.
(٣) من بحر الوافر، وهو من قصيدة للخنساء، وهو في ديوانها: (ص ٣٧٢)، برواية: "يرضعني"، قالتها في دريد بن الصمة لما خطبها، ورواية: "ينكحني" في الأغاني: (١٥/ ٧٤)، وأساس البلاغة: مادة (ش ب ر)، وغيرهما، وفي التاج نقله عن الجوهري: "فلستُ بمُرْصعٍ"، تاج العروس: (٢٧/ ١٠٦).
(٤) في (ص): الوهن.
(٥) في (س) و (د): أبي.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه عن عائشة : كتاب النكاح، باب حسن المعاشرة مع الأهل، رقم: (٥١٨٩ - طوق).
(٧) البيت من بحر البسيط، وهو لأعشى باهلة؛ أبي قحافة عامر بن الحارث، من=