للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسَمِعْتُ لَيْلَةً تَاجَ القُرَّاءَ ابنَ لِفْتَةَ (١) يَقْرَأُ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ﴾ (٢) في "جامع عَمْرٍو (٣) "؛ فما عَلِمْت أَلَيْلًا كان أم نَهَارًا؟ وسَمِعْتُ الكَازَرُونِيَّ (٤) بالمسجد الأقصى يقرأ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١].

وكان أبو بكر الطُّوسِي (٥) إمامُ "الصخرة المقدَّسة" يَقْرَأُ في صلاة الصبح بالسُّوَرِ الطِّوَالِ، وكنتُ أُصَلِّي أبدًا معه، وكان أحسن الخَلْقِ صَوْتًا، وكان يُسْمَعُ صَوْتُه إذا أَعْلَنَ من ديار لُوطٍ، على أَقَلَّ مِنْ فَرْسَخٍ.


(١) ذكره في الأحكام: (٤/ ١٥٩٦)، وذكره بمثل ما ذكره به هنا.
(٢) بعدها في (س): ﴿عَسَى﴾، [الإسراء: ٧٩].
(٣) في (س): عمر.
(٤) لم أقف على من ذكره من أهل التواريخ، وترجم الذهبي لأبي عبد الله الكازروني، وذكر عنه أنه كان مقرئًا، توفي عام ٤٥٥ هـ، فلعله والد هذا، سير النبلاء: (١٨/ ١٧١ - ١٧٢)، وفي طبقات التاج (٤٨١٧): محمد الكازَروني، وذكر أنه توفي في الوَجْدِ، وكان مع أبي حامد وإسماعيل الطُّوسِيين، وغيرهما، فلعله هو، وقال فيه ابن العربي (الأحكام: ٤/ ١٥٩٦): "كان ابن الكازروني يأوي إلى المسجد الأقصى، ثم تمتَّعنا به ثلاث سنوات، ولقد كان يقرأ في مهد عيسى فيُسمع من الطور، فلا يقدر أحدٌ أن يصنع شيئًا طول قراءته إلا الإنصات إليه".
(٥) إمام الصخرة المقدسة، المقرئ الصوفي، محمد بن أحمد بن علي، أبو بكر الطوسي، مات شهيدًا، قتله الصليبيُّون في شعبان من عام ٤٩٢ هـ، تاريخ دمشق: (٥١/ ٨٩).