للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى السجود كما قال الله سبحاله: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ [الرعد: ١٥]، فالكافر يَكْفُرُ بلسانه، وجوارحُه كلُّها مؤمنة، نعم؛ ولسانُه الكاذب شاهدٌ لله، عابدٌ له في تكذيبه به (١)؛ لأنه جَرَى بحُكْم قضائه، ونَفَذَ بمُقْتَضَى تقديره، فلم يخرج شيءٌ عن مُلْكِه، وقد قال الله تعالى: ﴿عِبَادِي﴾ فى مواضع من كتابه، منها قوله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢]، فأضافهم إلى نفسه؛ بما وَهَبَهم من الحِفْظِ والعِصْمَةِ، فهم لا تضرهم الوساوسُ باستجارتهم بالله، وإذا قَرُبَ الشيطان من قَلْبِ العالِم أَحْرَقَه نُورُ العِلْمِ، وإذا دنا من قَلْبِ (٢) الغافل أحرقه تجديدُ الذِّكْرِ وإحضارُ التوحيد.

قال النبي : "إن الشيطان يأتي أحدَكم فيقول له: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ فيقول له: الله (٣)، فيقول له: من خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدُكم فليَقُلْ: لا إله إلا الله" (٤).

وقال في موضع آخَرَ: ﴿يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ [الزخرف: ٦٨]، وإنَّما يكون عبدُه الذي يخاطبه بهذه المخاطبة الشريفة من لم يَكُنْ في أَسْرِ غيره، وأمَّا (٥) من استعبده هَوَاهُ واستمكن منه الطَّمَعُ واسْتَرَقَّتْهُ كل خَسِيسَةٍ ونَقِيصَةٍ فلا يكون منهم، ولا يُدْعَوْنَ، بل يُدْعَى عليهم.


(١) سقط من (س).
(٢) سقط من (ص).
(٣) قوله: "فيقول له: الله" سقط من (س).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، رقم: (١٣٤ - عبد الباقي).
(٥) سقط من (د) و (ص) و (ل).