وأكمل تخطيطا، وللترك حسن الوجوه، وللروم حسن الأبدان، فمحاسن الترك أفضل لأنها لا تغطى ولا تحجب، ومحاسن الروم أخفى لأنها تغطى وتحجب.
[الإسكندر وبلاد فارس وأرسطو وصاحب الصين]
فأما شرف الجنس وبعد الهمة ووفور العقل والشجاعة فأين الروم مما وهبه الله الترك من ذلك حتى إن الاسكندر «١» وهو أجل ملوك الروم بل الأرض، ولا خلاف في حكمته وفضله، وقد أقر للترك على نفسه، فإنه لا تطمح نفس أحد من الفرس إلى مطاولة الترك، وقد طاولت الروم، وكان لها الغلب على الروم غالبا، ولما أتى الإسكندر بلاد الفرس رأى من رجالهم ما بهر عقله فكتب إلى معلمه ووزيره أرسطو «٢» يعلمه أنه شاهد بإيران شهر رجالا ذوي أصالة في الرأي، وجمالا في الوجوه لهم مع ذلك صرامة وشجاعة، وأنه رأى لهم (ص ٤٥) هيئات وخلائق، ولو كان عرف حقيقتها لما غزاهم، إنما ملكها بحسن الاتفاق والبخت «٣» ، وأنه لا يأمن إن ظعن عنهم وثوبهم، ولا تسكن نفسه إلا ببوارهم. فكتب إليه أرسطو:
فهمت كتابك في رجال فارس، فأما قتلهم فهو من الفساد في الأرض، ولو قتلتهم جميعا لأنبتت البلد أمثالهم، لأن إقليم بابل يولد أمثال هؤلاء الرّجال، من أهل العقول والسداد في الرأي، والاعتدال في التركيب، فصاروا أعداءك وأعداء عقبك بالطبع، لأنك تكون قد وترت القوم وأكثرت الأحقاد على أرض الروم منهم وممن بعدهم، وإخراجك إياهم في عسكرك مخاطرة بنفسك وأصحابك، ولكني أشير عليك برأي هو أبلغ لك في كل ما تريد من القتل، وهو أن تستدعي أولاد الملوك، ومن يستصلح للملك، وهو مرشح له، فتقلدهم البلدان، وتولهم الولايات ليصير كل واحد منهم ملكا برأسه، فتفرق كلمتهم