مطرب كم أخذ عنه صوت، ومجيدكم استدرك به لمعبد الأول فوت، وإن قيل «وما قصبات السبق إلا لمعبد» ، وعنى الأول أنه أعرب قيل ذلك له وللثاني منه ما أطرب، ثم ختل لبيبا وقتل كئيبا وفعل بالغناء ما يفعل بالناي، كان أطيب من العود أنفاسا، وأقرب إيناسا، يختلب الألباب، ويستلب العقول للأحباب، ويجتلب [ص ١٠٢] الهوى لذكر زينب اجتلاب الرباب.
قال أبو الفرج، قال عبد الله بن أبي سعيد، حدثني معبد غلام ابن يقطين قال:
كنت منقطعا إلى البرامكة، آخذ منهم وألازمهم ولا أفارقهم، فبينا أنا ذات يوم في منزلي إذا بابي يدق، فخرج غلامي ثم رجع فقال: على الباب فتى ظاهر المروءة يستأذن عليك، فأذنت له، فدخل علي شاب ما رأيت أحسن وجها، ولا أنظف ثوبا، ولا أجمل زيا منه، عليه آثار السقم ظاهرة، فقال: إني اخاف «٢» لقاءك مذ مدّة، فلا أجد إليه سبيلا، إنّ لي حاجة، قلت: ما هي؟ فأخرج ثلاث مئة دينار فوضعها بين يدي، ثم قال: أسألك أن تقبلها وتصنع في بيتين قلتهما لحنا تغنيني به، قلت: هاتها، فأنشدني:«٣»[البسيط]
والله يا طرفي الجاني على بدني ... لتطفئنّ بدمعي لوعة الحزن