وقت، والعاقل يستروح بمثل ما رأيت من أرواح الأشعار، وأنفاس الأشجار، وسألتك الله إلا ما كتمت.
قال: فو الله ما ذكرتها حتى مات.
وتوفي ليلة الاثنين سادس شعبان سنة اثنتين وستين وستمائة، ببستانه بجبل" الصّيقل"، بظاهر الاسكندرية. ودفن به، بوصية منه، وقبره يزار ويتبرك به.
وبيع الأثاث الموجود في منزله، وقيمته دون خمسين درهما، ورقا بما يزيد عن عشرين ألف درهم تزايد الناس فيه رجاء البركة حتى بلغ الإبريق الذي كان يستعمله ويتوضأ فيه للصلاة جملة كبيرة، وقيمة مثله لا يبلغ ثلاثة فلوس!.
وقد رأيت خرقة من أثره عند بعض المصريين، وذكر أنها بيعت في أثاثه بمائة وعشرين درهما.
ومنهم:
١٠٨- الفضيل بن فضالة
صميم علم أغرق في الحسب، وأغبق في كرم الحسب، ترقى للحيرة فعرف الحقيقة، وتوقى الحيرة فوقف على الطريقة.
قال:" إذا شئت أن تصير من الأبدال، فحوّل خلقك إلى بعض خلق الأطفال؛ ففيهم خمس خصال لو كانت في الكبار لكانوا أبدالا، وهي: أنهم لا يغتمون للرزق. ولا يشتكون من خالقهم إذا مرضوا. ويأكلون الطعام مجتمعين. وإذا تخاصموا لم يتحاقدوا وتنازعوا إلى الصلح. وإذا خافوا جرت عيونهم بالدموع".
وكان يقول للمريد إذا أتاه: تصحبني على أربعة خلائق هنّ كنوز الجنة؛ كتمان الفاقة، وكتمان المصيبة، وكتمان المرض، وكتمان السر.
وكان يحب الخلوة، فإذا خلا رفع عقيرته، وأنشد قول الرضي: