لا أهتدي فيها لموضع تلعة ... بين العراق وبين أرض مراد
والشعر للأسود بن يعفر النهشلي، والغناء فيه ثاني الثقيل.
١٧١- ومنهم- ساعدة بن بريم
مطرب تعلق بالسها، وعلق بالمسامع بما ألهى، وكان لنوافر القلوب مؤلفا، ولم يقدم وراءه مخلفا، حكي أنه كان من أبناء النصارى، طلع في سواد المسوح قمرا زاهرا، وسكن الديارات فأعاد ذواءها يانعا زاهرا، وخلافي جانب مكانه فحلّ عزائم البرهان، وشد زناره «١» على غصن بان، ففتن بحسنه القسوس، وجرى في حبه ما هوّن حرب البسوس، فترك النصرانية وأسلم إسلاما الله يعلم ما وراءه، وماذا صرف إليه فيه آراءه، ثم غوي الغناء وطلبه، وتتبعه ليجلبه، وركب فيه ثبج البحر وقد لانت عريكته، وألقيت أريكته، ثم بلغ من هيجه مبلغا أفضى فيه إلى التلف، وانتقم منه أضعاف ما سلف، إلا أنه سلم على لوح من ألواح [ص ٣٩٢] المركب، وقد ظن أن روحه فيما ينكب، فخرج إلى مصر ثم أتى إلى الشام والعراق، وورد ما راق، ورد ما طلبته ما تضيق به الأوراق.
ومن مشاهير أصواته:«٢»[الطويل]
إذا خطرت من ذكر بثنة خطرة ... عصتني شئون العين فانهل ماؤها «٣»
فإن لم أزرها عادني الشوق والهوى ... وإن زرتها شف الفؤاد لقاؤها «٤»
وإن قلت أسلوها تعرض طيفها ... وعاود قلبي من بثينة داؤها
وكيف بنفس أنت هيجت سقمها ... ويمنع منها يا بثين شفاؤها