للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زياد الدعي مسلم بن عقيل، ألم يقتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي، ألم يخرج إليه بحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا، فوقفهن موقف السبي، ألم يحمل إليه رأس الحسين فقرع دماغه، فما الذي يحملني على الإبقاء عليكن، قالت: فليسعنا عفوكم، قال: أما هذا فنعم، وإن أحببت زوجتك ابني الفضل، قالت: وأي حين عرس هذا، بل تلحقنا بحران، فحملهن إليها مكرمات، فلما دخلنها ورأين منازل مروان، رفعن أصواتهن بالبكاء.

قلت: وهيهات البكاء، والبكاء لا يرد الغائب، ولا ينقع الغليل، فأفّ للدنيا، وتبّا لخدع الغرور، مرت ببني مروان ونسفت ملك آل أبي سفيان، وخضبت دما شيب عثمان، وفعلت ببني آمنة ما فعلت وتفعل بسائر أبناء الزمان.

وإذا انتهينا إلى آخر دولتهم التي لم يبق لهم بعدها إلا ما برقت لهم به بارقة بالأندلس، فنقول وبالله التوفيق:

ثم كانت:

[الدولة الأموية بالأندلس]

نهض غدها وهو عاثر، ونظم عقدها وهو متناثر، وأضاء خلل الرماد لها وميض جمر «١» ، وأطل لها نهوض أمر، وذلك بدخول عبد الرحمن بن معاوية بن هشام إلى الأندلس، مصمما، كالمشير بالعضب، متمما رقى ذلك الهضب، بهمّة لو قذف بها البحر لما عبّ زاخره، أو الفلك الأعلى لما دارت دوائره،

<<  <  ج: ص:  >  >>