ومن عادة «١» جيوش هذه الممالك الركوب في يومي الاثنين والخميس في الموكب، وهو مكان فسيح يكون بكل مدينة بها عسكر فيسيرون به، ثم يقف العسكر مع نائب السلطان أو الحاجب، إن لم يكن، ثم نائب، وينادى على الخيل بينهم وربما نودى على كثير من آلات «٢» الجند والخيم والخركاوات والأسلحة، وربما نودى على كثير من «٣» العقار، ثم أن كانوا بمصر طلعوا إلى الخدمة السلطانية بالقلعة على ما قدمنا ذكره، والإذن لهم على الانصراف بعد أكل السماط، وإن كانوا في غير مصر نزلوا في خدمة النائب إلى مكان سكنه، وهو دار السلطنة، ويجلس النائب، وتقرأ عليه القصص، وينصف «٤» المظلومين، ويمد السماط، ويأكل عامة الأمراء والجند، ثم ينصرفون، وتزداد عساكر الشام بركوب يوم السبت على هذين اليومين.
والنواب تقعد لقراءة القصص الاثنين والخميس والسبت، وربما قعدوا طرفي النهار في هذه الأيام كذلك، ومن عادة هذا السلطان أنه يكتب خطه على ما يأمر، وأما مناشير الأمراء والجند، وكل من له إقطاع فإنه يكتب عليه علامته وعلامة السلطان القائم الآن، السلطان الناصر [١]«٥» ناصر الدنيا والدين أبي
[١] الملك الناصر أبو الفتح محمد ابن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي الألفي، وله سيرة كريمة وفضائل عظيمة، كفاه شرفا انتماؤه لخدمة الحرمين الشريفين (رحلة ابن بطوطة ٣٦) كان ابن بطوطة في القاهرة وقت كتابة هذا المخطوط.