قال: فسرّي عن عبد الله بن جعفر، لأن بديحا كان صاحب فصاحة وفكاهة يعرف بها، فمد رجله فتفل عليها ورقاها مرارا، فقال عبد الملك: الله أكبر، وجدت والله خفّا، يا غلام، ادع فلانة حتى تكتب الرقية، فإنا لانأ من هيجانها بالليل، فلا نذعر بديحا، فلما جاءت الجارية، قال بديح: يا أمير المؤمنين، امرأته طالق إن كتبتها حتى تعجل حبائي، فأمر له بأربعة آلاف درهم، فلما صارت بين يديه قال: امرأته طالق إن كتبتها أو يصير المال في منزله، فأمر فحمل، فلما أحرزه قال: يا أمير المؤمنين امرأتي طالق إن كنت قرأت عليك وعلى رجلك إلا أبيات نصيب: «١»[الطويل]
ألا إنّ ليلى العامرية أصبحت ... على النأي عني ذنب غيري تنقم
وما ذاك عن ذنب أكون اجترمته ... إليها لتجزيني بها حيث أعلم
ولكنّ إنسأنا إذا ملّ صاحبا ... وحاول صرما لم يزل يتجرّم
قال: ويلك ما تقول، قال: امرأته طالق إن كان قال إلا بما قال، قال:[ص ١١٦] فاكتمها، قال: وكيف ذاك وقد سارت بها البرد إلى أخيك بمصر، فطفق عبد الملك ضاحكا.
٤١- هاشم بن سليمان «٢»
محصل ثروة، ومحصن ذروة، بفطانة تقطع على ما في النفوس، وتدرك منه ما لا يدرك بالمحسوس، بحدس كأنما كان به يتكهن، ويقوى لديه ولا يتوهن، وله في صناعة الغناء يد لا تطيش، وسهم له في القلوب بسويدائها تريش «٣» ، يجني السامع تمرا، ويخيل للسامع أنه ازداد عمرا.