فياليت شعري بعد موتي ما أرى ... إلى نعمة لله أم ناره ألقى
ثم:
٧١- دولة المكتفي بالله
أبي محمد علي «١» بن أحمد المعتضد، وكانت له مما أبقى أبوه جيوش تضيق بها جيوب العراق، وتضيع بها هبوب النسيم في الآفاق، خلا أنه كان عقير عقار، وسمير دفوف وأوتار، وأليف ندمان، وحليف إدمان، لا يخلع عنه ثوب عناق، ولا يخدع عن النفاق ساق بساق، لم يؤخذ الملاح من مقلتيه ولا كؤوس الراح من شفتيه، دأبه في هوى، وآدابه في جوى، لا يقصر عن حبّ أغيد وغيداء، وأجيد وجيداء، فلهذا ما عسكر إلى الأعداء رأيا ولا راية [ص ١٦٠] ، ولا أثر جنانا ولا جناية، على كثرة الفتوق في جيب ملكه، والانفراط في جيب سلكه، فتسلطت القرامطة، وتبسطت في البلاد بلا رابطة، وصرخت تلك الدعوة في أذان الأنام، وزادت في أذان الإسلام، ثم فعلت تلك الفعلة في الحجر الأسود، وابتزت خاله من وجنة البيت الحرام، مع أنه قاتل القرامطة مرتين، وكرّ عليهم جيشه الحويل كرتين، وعاد بالنصر في كل مرة، لكنه لم يجتثهم، ولا قطع نسلهم وحرثهم.