فتح فاه للالتقام، على لطف في علاجه، وتسكين لثوائر المرض وعجاجه، ورفق زانه في تأنّيه، وزاده في تأتّيه، فكان يعد فردا، ويعد من أم مشربه وردا، ثم لم يخلف له موعد، ولا يخاف معه من سحابه مرض مرعد، لكنه لم تغن عنه حيله، ولم يكن له بدّ أن يأتيه أجله.
قال صاعد:" إنه دخل القيروان ومصر، وتطبّب بها زمانا طويلا، ثم رجع إلى الأندلس، وقصد مدينة دانية، واتصل بمجاهد ملكها، وأمره أن يقيم عنده فحظي واشتهر بالتقدم في الطب، وشاع ذكره منها في الأقطار، وله في صناعته إرشاد منه منعه من الحمّام لاعتقاده فيه أنه يعفّن الأجسام، ويفسد تركيب الأمزجة". قال: وهذا رأي يخالفه فيه الأوائل، ويشهد بخطئه فيه الخواص والعوام، بل إذا استعمل على الترتيب الذي يجب بالتدريج الذي ينبغي كان رياضة فاضلة، ومهنة نافعة، لتفتيحه للمسام وتطريقه للفضول، وتلطيفه لما غلظ من الكيموسات" «١» .
قال ابن أبي أصيبعة:" وأقول إنه انتقل إلى إشبيلية ولم يزل بها إلى أن مات، وخلّف أموالا جزيلة، ونظيرها من الرياع والضياع".
ومنهم:
١٦٤- أبو العلاء زهر بن عبد الملك «١٣»
فرد في بني آدم، وواحد ما أتى بمثله وقد تقادم، ابن أبيه وفوق كل من يليه، لم يقف سيف ذهنه عند حده، ولا جارى البرق وقد أضمر له نار حقده، وأمسى وهو أبو العلاء، وأخو النجم في الاعتلاء. ربّي في حجر العلم ربيبا، وأصبح منذ